رقـم الفتوى
:
54573
عنوان الفتوى
:حد الضرورة التي تبيح إجراء عملية استئصال الرحم
تاريخ الفتوى
:29 شعبان 1445 / 14-10-2017
السؤال
أكتب إليكم من هولندا، وليس عندي لوحة مفاتيح العربية ولكنني أقرأ وأكتب العربية جيداً، سؤالي هو: أنا أعاني كثيراً من نزيف شديد بعد كل دورة (الحيض) مع نزيف حاد يستمر أسبوعا وزيادة، وفي بعض الأشهر تمتد إلى 20 يوماً، والمشكلة الكبرى هي ما يترتب عليها من مضاعفات، فأكون مريضة طوال هذه الأيام (صداع في الرأس، التقيء، أنيميا، تعب، ضعف….) بالإضافة إلى المشاكل النفسية والعلاقة مع زوجي، استشرت أطباء كثيرين وهذا منذ 14 سنة، في هذا الصيف قال لي الأطباء بعد أخذ الصور بأنه يوجد بعض الأنسجة في رحمي وهذه الأنسجة هي السبب في مشكلتي، وبعدها استعملت كل الأدوية وكل الأساليب في إيجاد الحل، لكن بدون فائدة وبعد كل هذه المحاولات يقول الأطباء بأن هذه الأنسجة موجودة على الرحم بالضبط، ولا يمكن إزالتها لوحدها، ولهذا أنا أمام خيارين: إجراء عملية إزالة الرحم أو عملية حرق ما حوال الرحم، وفي الحالتين لا يمكنني الإنجاب، والحمد لله عندنا ثلاثة أولاد، سؤالي: هل يجوز إجراء مثل هذه العمليات، ماذا يمكن أن أفعل، أرجو أن تجيبوني بسرعة، هل يجوز إجراء عملية استئصال الرحم في هذه الحالة، أرجو الرد سريعاً لأنني عندي موعد في الأسبوع المقبل في المستشفى؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما تعاني منه السائلة الكريمة بعد الحيض هو ما يسمى بالاستحاضة، وكنا قد أوضحنا في الفتوى رقم: 34192، والفتوى رقم: 4109 ما تعمله المستحاضة عند كل صلاة.
أما حكم عمل مثل هذه العمليات المذكورة في السؤال فإن الأصل أنه لا يجوز الاطلاع على العورة ولا سيما إذا كان الطبيب الذي يشرف على ذلك رجلاً، لكن إذا دعت إلى ذلك ضرورة أو حاجة معتبرة ولم توجد طبيبة فلا حرج في أن يتولى الطبيب علاج المرأة ولتفصيل، هذا الحكم يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 883.
وكذلك مسألة استئصال الرحم فإن الأصل أنه لا يجوز عمل ما يقطع الإنجاب إلا إذا خيف على المرأة ضرر محقق ربما يأتي على نفسها أو يشق بها مشقة عظيمة، وبناء على ما ذكرته السائلة من أنها استنفدت وسائل العلاج لهذا المرض وأنها تعاني منه مشقة دائمة زائدة على المعتاد، وأخبرها الأطباء العارفون بأنه لا علاج لما تعاني منه إلا باستئصال الرحم أو غيره مما يمنع الإنجاب فإنه يجوز لها أن تعمل ما يزيل عنها الضرر المزمن لأن من قواعد الشريعة أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وأن الضرورات تبيح المحظورات، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 36768، 17553، 10142.
والله أعلم.
المفتـــي:
مركز الفتوى
استئصال الرحم .. بين الحل والحرمة
السؤال
زوجتي مرضت قبل مدة وراجعت أحد الأطباء فنصحها بإغلاق مواسير الحمل فأغلقتها ثم كتب الله لها الشفاء التام وهي نادمة الآن على إغلاق مواسير الحمل فهل عليها كفّارة ؟
المفتي
أ.د حسام الدين بن موسى عفانة – أستاذ الفقه وأصوله – جامعة القدس
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فيجوز للزوجة أن تتخذ من وسائل منع الحمل ما يناسبها إذا دعت إلى ذلك ضرورة أو حاجة، ولكن لا يجوز لها أن تقوم باستخدام وسيلة تؤدي إلى قطع الإنجاب نهائيا إلا إذا كانت ضرورة شرعية تدعو إلى ذلك.
وإليك فتوى فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة -أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-:
لا يجوز شرعاً استئصال القدرة على الإنجاب مطلقاً سواء كان عند الرجل أو المرأة إلا في حالات الضرورة التي يقدرها أهل العلم الثقات من الفقهاء والأطباء، فلا يجوز إجراء عمليات التعقيم ولا ربط قناتي الرحم أو استعمال أي وسيلة تؤدي إلى ذلك .
ومنع الحمل الدائم من الأمور المحرمة شرعاً كما قلت ويدل على ذلك قوله تعالى: (وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا) سورة النساء الآيات 117-119 .
قال أهل التفسير إن تغيير خلق الله من تزيين الشيطان ويدخل في ذلك خصاء بني آدم لأنه تغيير لخلق الله.
قال القرطبي: [وأما الخصاء في الآدمي فمصيبة فإنه إذا خصي بطل قلبه وقوته عكس الحيوان وانقطع نسله المأمور به ثم هذه مثلة -أي فيها تنكيل- وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة ] تفسير القرطبي 5/391.
وروى البخاري ومسلم عن إسماعيل بن قيس قال عبد الله – ابن مسعود – كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ).
وروى البخاري ومسلم أيضاً عن سعيد بن المسيب أنه سمع سعد بن أبي وقاص يقول أراد عثمان بن مظعون أن يتبتل فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أجاز ذلك لاختصينا).
قال الإمام النووي: [الاختصاء في الآدمي حرام صغيراً كان أو كبيراً] شرح النووي على صحيح مسلم 3/526.
وقال الحافظ ابن حجر :[ وقوله ( فنهانا عن ذلك ) هو نهي تحريم بلا خلاف في بني آدم ] فتح الباري 12/19-20.
وينبغي أن يعلم أن الوسائل الحديثة لمنع الحمل منعاً نهائياً تقوم مقام الخصاء في الرجل فهي تستأصل القدرة على الإنجاب نهائياً كما أنها تغيير لخلق الله لذلك فإنها تلحق بالخصاء فتكون محرمة.
وقد بحث الفقهاء المعاصرون هذه القضية وقرروا حرمة قطع المقدرة على الإنجاب فقد جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العلم الإسلامي ما يلي: [نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية تحض على تكثير نسل المسلمين وانتشاره، وتعتبر النسل نعمة كبرى، ومنة عظيمة منَّ الله بها على عباده، وقد تضافرت بذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ودلت على أن القول بتحديد النسل، أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الله تعالى لعباده.
ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل، أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين لتقليل عددهم بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة، والشعوب المستضعفة بصفة خاصة حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد، واستعباد أهلها والتمتع بثروات البلاد الإسلامية، وحيث إن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية، وسوء ظن بالله تعالى، وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها . لذلك كله فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي يقرر بالإجماع:
أنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق؛ لأن الله تعالى "هو الرزاق ذو القوة المتين"، "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها"، أو كان ذلك لأسباب أخرى غير معتبرة شرعياً.
أما تعاطي أسباب منع الحمل أو تأخيره في حالات فردية لضرر محقق ككون المرأة لا تلد ولادة عادية وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الجنين فإنه لا مانع من ذلك شرعاً وهكذا إذا كان تأخيره لأسباب أخرى شرعية أو صحية يقرها طبيب مسلم ثقة، بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرر المحقق على أمه إذا كان يخشى على حياتها منه بتقرير من يوثق به من الأطباء المسلمين.
أما الدعوة إلى تحديد النسل، أو منع الحمل بصفة عامة، فلا تجوز شرعاً للأسباب المتقدم ذكرها، وأشد من ذلك في الإثم، والمنع إلزام الشعوب بذلك وفرضه عليها في الوقت الذي تنفق فيه الأموال الضخمة على سباق التسلح العلمي للسيطرة والتدمير بدلاً من إنفاقه في التنمية الاقتصادية والتعمير وحاجات الشعوب ] قرارات المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي ص 62-63 .
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: [يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم ما لم تدع إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية .
ويجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل أو إيقافه لمدة معينة من الزمان إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراض بشرط أن لا يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة وأن لا يكون فيها عدوان على حمل قائم ] مجلة المجمع الفقهي العدد 5 جزء1 ص748.
وأخيراً فعلى السائلة أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى توبة صادقة وأن تستغفر وتكثر من عمل الخيرات والطاعات لعل الله سبحانه وتعالى أن يغفر لها كما وأني أذكر الأطباء أن يتقوا الله سبحانه وتعالى، وألا يبيعوا آخرتهم من أجل دراهم معدودة يقبضونها أجرة لأمثال هذه العمليات وهذه المعالجات المحرمة .
والله أعلم
وللمزيد يمكن مطالعة هذه الفتوى:
تنظيم النسل: حكمه وضوابطه
هبه مجدى هبه مجدى 22183_1.gif فتكات غالية قوي Fatakat 22183 القاهره – جمهورية مصر العربيه