ذاك شديد القلق سحائب الهمّ قد غطت وجهه، وتلك شديدة التوتر رسمت رياح الكآبة صوراً بالغة القبح على وجهها، عدم التوفيق لهما حليف والإكتئاب لهما جليس.
ترى أيّ خطبٍ ألمّ بهما ؟؟
إنه التفريط في الصلاة.
فهل رأيتم تاركاً للصلاة سعيدا ؟!
أم هل سمعتم بمتكاسلٍ عنها مسلكه حميدا ؟!
الصلاة هي أفضل الوسائل لتهذيب النفوس وتجديد طاقة الأرواح وتزكية الأخلاق، وهي للمصلي ملجأٌ وأمان هي قوة الضعيف وسلاح الأعزل يستعين بها على نوائب الدهر وقهر الرجال وظلم الظالمين
( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الآية 153 سورة البقرة
ألم يقل حبيبنا محمد "أرحنا بها يا بلال" وقال "جعلت قرة عيني في الصلاة"
وها هو العلم الحديث يثبت أن الصلاة بحركاتها للجسم والضغط على الجبهة تزيد من حافزية خلايا الدماغ لتزداد إفرازاتها الأمينية، تلك الإفرازات التي تساعد على الإنشراح والإنبساط النفسي.
فهي أفضل رياضة عقلية وروحية وجسدية، والمحافظة عليها يعني المحافظة على جسد سليم وحالة نفسية هادئة ومستقرة. ولذلك فإن أهم صفة من صفات المتقين بعد الإيمان هي الصلاة :
(ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) البقرة
هي ليست مجرد عبادة نتقرب بها إلى الله لنكون من المفلحين في الآخرة، بل هي نجاح في الدنيا أيضاً، وهي خير للمؤمن، وهذا ما نجده في قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) البقرة 110
الصلواتبمثابة محطاتِ شحن للطاقة أو جرعات طب النفوس من لدن حكيمٍ خبير. يَلزُم تناولها في وقتها لحماية النفس من الفتن، يقول عفيف طبارة : إن المصلي إن لم تتصل روحه بمبدعها ظهرت عليه عوارض القلق و الإكتئاب بسبب ما علقته من مصائب وخيبة أمل فيحاول التغلب على ما يعانيه من قلقٍ بتعاطي المخدرات وشرب الخمر، بينما الصلاة تتيح للمرء أن يسأل بارءه كل ما يريد، الأمر الذي يُنفس عن مشاعره.
وهذه النفحات الطيبة، تقي المسلم بإذن الله من معظم الأمراض النفسية، والعلل العصبية، والآفات العقلية، كالقلق النفسي ، والهمود الاكتئابي ، والخوف المرضي، والهرع (الهستيريا)، والفصام وغيرها … . بل وتمد الإنسان بطاقة روحية هائلة، تساعد على شفائه من أمراضه البدنية، والنفسية، وتزوده بالحيوية والنشاط، وبقدرة كبيرة تمكنه من القيام بجليل الأعمال.
قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ النحل97
" الله أكبر"نرددها مع كل حركة، فيجتاحنا شعور يباعد المتاعب الشخصية، والمشاكل الدنيوية، والأفكار المادية.
استقرار نفسي ينعكس بدوره على جهاز المناعة في الجسم مما يسرع التماثل للشفاء، وخصوصا في بعض أمراض المناعة الذاتية المتسببة عن مهاجمة مناعة الجسم لأنسجته مثل إلتهاب المفاصل الروماتيزمي والذئبة الحمراء وللحركات دور في تبديد آلام المفاصل والظهر وغيرها.
ولكن متى نحظى بتلك الثمار اليانعة ؟
أ- تحقيق التزام الوجهة الواحدة بتوجيه الإنسان ذهنه وقلبه إلى واحدٍ هو الله لا شريك له .
ب- الخشوع والذي يُعتبر إنقطاعٌ شعوري مؤقت عن الدنيا ومشاغلها إلى التسامي بحالة روحية نفسية عالية وصافية يتدبر فيها آيات القرآن بما فيها التوحيد والوعد والوعيد والأحكام والدعاء.
ج – إعطاء أركان وواجبات الصلاة حقها.
د – المحافظة عاى أوقاتها
وقفة مع أوقات الصلاة
إن الوقت الفاصل بين الفجر وصلاة الظهر سبع ساعات وهذه أطول فترة لأنها تأتي بعد راحة النوم في الليل ثم تأتي صلاة الظهر لتريح الشخص من عناء العمل والإرهاق النفسي والجسمي ثم تأتي صلاة العصر بعد نصف الفترة السابقة حيث إن الإنسان يكون مرهقاً أكثر فيحتاج إلى راحةٍ أقرب ثم تأتي صلاة المغرب بعد فترة أقصر من سابقتها وتأتي صلاة العشاء بعد فترة أقصر وأقصر. وهكذا نجد أن مواعيد الصلاة تتماشى مع إحتياج الإنسان للراحة النفسية والجسمية طوال اليوم.
وقد ثبت أيضاً أن كمية الأدرينالين (وهو هرمون يفرزه الجسم فيزيد خفقان القلب) تزداد في وقت صلاة العصر بالذات وآداء الصلاة يقاوم آثار ذاكالهرمون.
مشهد
أخذت تبكي وتقول :
إنه كان ذا أخلاق طيبة ولكنه كان يصلي كيف ما شاء … صلاة الفجر لا يصليها إلا عند الساعة السابعة وهو خارج إلى العمل … ويوم الخميس لا يصليها إلا الساعة العاشرة وهكذا …
وفي يوم من الأيام بعدما انتهينا من الغداء جلس قليلاً فقلت له: لقد أذن العصر …
فقال لي: إن شاء الله …
فذهبت وعدت فوجدته جالساً … فقلت له: أقيمت الصلاة …
فقال لي: خلاص إن شاء الله …
فقلت له: سوف تفوتك الصلاة …
فصرخ في وجهي وقال: لن أصلي!!!
وجلس حتى انتهت الصلاة … ثم بعد ذلك قام … فوالله ما إستقر قائماً حتى خر على وجهه في السفرة وأخذ يزبد ويرتعد بصورة لا توصف … حتى إني وأنا زوجته لم أستطع أن أقترب منه …
فنزلت إلى إخوته في الدور الأرضي فهرعوا معي إلى الأعلى وحملوه إلى المستشفى على تلك الحالة …
ثم مكث في المستشفى على الأجهزة لمدة ثم خرج بهذه الحالة …
إذا لم يأخذ العلاج أخذ يضرب برأسه الجدار ويرتعد ويضرب ابنته ويقطع شعرها …
( من مشاهدات الشيخ عبد المحسن الأحمد )
نفوسنا عطشى لا ترويها إلاّ الصلاة.
أرواحنا حائرة لا يهديها لكل خيرٍ إلاّ الصلاة.
ولنتذكر قول حبيبنا محمد " أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله"
وختاماً أقول :
الصلاة الصلاة
ياسمين دى ورده ياسمين دى ورده فتكات رائعة Fatakat 809267 القاهره – مصر