كيف تتعامل مع الشخصية المسيطرة والمستبدة ؟
1- النهي عن الخضوع والضعف والذلة في التعامل معها وفي ذلك يقول المرادي الحضرمي : " الخضوع قبيح بالأحرار ودلالة علي الفقر ومخبر بدناءة النفس ومنبئ عن سقوط الهمة والقدر " ثم نراه يخبرنا عن اناس يستحسن الخضوع لهم فيقول :" ان الخضوع لا يحسن الا للعالم والوالدين والسلطان العدل فأما غير هؤلاء فالخضوع لهم قبيح " والغزالي يطلعنا علي المعيار الذي نتبعه في التعامل مع الناس في حال الرضا والسخط فيقول :" الق صديقك وعدوك بوجه الرضا من غير ذلة لهم ولا هيبة منهم وتوقر من غير كبر وكن في جميع أمورك في أوساطها "
2- النهي عن الخوف من المستبد
الخوف يتعارض مع حسن ايمان المرء حيث ينبغي ان يكون الخوف من الخالق وحده وحين يستفحل هذا الخوف لدرجة الخنوع والرضي بالظلم يتحول الي مرض أشار اليه ابن تيمية حين تعليقه علي قول أحمد بن حنبل لبعض الناس ( لو صححت لم تخف أحدا ) أي أن خوفك من المخلوق هو من مرض فيك كمرض الشرك والذنوب وكما أن الظلم كما يذكر بن تيمية من أمراض القلوب والعدل صحتها وصلاحها فكذلك الخوف من الظالم المستبد من مرض القلوب أيضا (أمراض القلوب وشفاؤها : ابن تيمية ، ص15 ) اذا كان المستبد شخص قريب منك سواء في العمل أو المنزل فكيف يمكن مجابهة سفاهته ؟ هنا ينبغي أن يكون مجابهة سلوك المستأسدين بالتأني دون التجريح اللفظي وهذا من صفات المؤمن التي أشار اليها الحسن البصري بقوله : " المؤمن من يتأني ولا يكون كحاطب الليل أي لا يكون كشخص يفعل كل مايستطيع أن يفعله ويقول كل مايرد علي لسانه " وكما يقول ابن المقفع في كتاب كليلة ودمنة : "فانه لاينبغي للعاقل أن يراجع في أمر الكفور للحسني والجرئ علي الغدر والزاهد في الخير والذي لايوقن بالأخرة "
ماسبق يمثل التعامل مع الشخص السفيه المستبد الذي لايخاف الله فماذا حين يكون الشخص علي عكس ذلك ولكن قد تبدو منه المساوئ والذنوب بين الحين والآخر وفي موقع سلطة هل نسكت علي أفعاله لننظر ماذا ينصحنا بن سينا في التعامل مع هذا الشخص ؟ حيث يقول : " واعلم أنه ليس لك وان كان طريق ارشاد العاقل عن رعنه أن تركبه هائما وتسلكه خابطا ولكن ينبغي لك أن تمس العاقل بالمشورة عليه مثل الشوكة الشائكة بجسدك والقرحة الدامية من بدنك علي ألين ماتمس وأرفق القول واخفض الصوت وفي أخلي المواطن وأستر الأحوال والتعريض فيها أبلغ من التصريح وضرب الأمثال أحسن من التكشيف فان رأيت صاحبك يشرأب لقولك اذا بدر منك ويهش له ويصغي اليه فأسبغ القول في غير افراط ولا اسهاب ولا املال ولا تزد علي الوجه الواحد من الرأي ودعه يختمر في قلبه …وان رأيت غير ماأردته فأخره الي وقت نشاطه وفراغ باله " (السياسة لابن سينا ) والي مثل هذا يقول حاتم الزاهد : اذا رأيت من أخيك عيبا فان كتمته عنه فقد خنته وان قلته فقد اغتبته وان واجهته فقد أوحشته فقال له انسان فما الذي أصنع قال تكني عنه وتعرضني به وتجعله في جملة الحديث " (مجاني الأدب في حدائق العرب )
عبير ياسين عبير ياسين فتكات حبوبة Fatakat 496640 القاهرة – مصر
سبحان الله و بحمده