في الغرب..حصة أسبوعياً بالمدارس لتعليم الطفل كيف يكون له هدف في حياته.. وعندنا لا يعرف الشباب لهم هدفاً ولا كيف
يحققونه إذا حددوه.. وهذه هي مشكلتنا الحقيقية، إنَّنا أمةٌ بلا أهداف، نقف ساكنين والدنيا كلها تتقدم، ونحن نفتش عن سِرِّ ضعفنا
وكيف نواجهه وكيف ندعو كل شاب إلى تسجيل هدفه ويضع خطة لتحقيقه.. فالهدف يجعلك جاداً، تتقن عملك. تشعر بالمسئولية،
تحافظ على وقتك، وتحرص على طاعة الله. نواصل كَسْر القيود التي تَحُولُ دون أن يكون الشباب إيجابياً، نافعاً لنفسه وبلده.
أنت لو عندك هدف سوف تكون إيجابياً.ولو عندك هدف فسوف تتقن عملك . ولو عندك هدف ستشعر بالمسئولية. ولو عندك
هدف ستكون جاداً. ولو عندك هدف ستحافظ على وقتك. اكتب هدفك، وضع خطة لتحقيقه. لابد أن تكون لك قيمة وإنجازات وبصمة
كيف يستطيع الإنسان تحديد أهدافه؟
الطفل في الغرب من سن 9 سنوات حتى سن 12 سنة يَتَلقَّى حصة أسبوعياً في المدرسة اسمها: ما هدفك في الحياة؟
نحن عندنا شباب عمره 35 سنة لا يستطيع الإجابة عن هذا السؤال. لهذا هم ناجحون.
يدخل الطفل إلى المدرسة الابتدائية، يسألونه: " هدفك إيه في الحياة؟ "، طبعاً لا يستطيع الإجابة.. لكن الحصة تتكرر كل أسبوع،
وعلى الطفل أن يجتهد ليجد إجابة على السؤال. فيقول أي شيء لكي يتخلص من الموقف. فيقولون له: تعال وقل لنا ما هواياتك؟
وما مهاراتك؟ هل تعرف شيئاً في الرسم لكي تقول إنك تريد أن تكون رَسَّاماً؟ ويطلبون منه أن يَرْسُم شيئاً، فلا يعرف.
والطفل الذي يريد أن يُصْبِح مهندساً, يأتون له بالكمبيوتر ليختبروا قدرته، طوال السنة يساعدون الطفل على اكتشاف مواهبه
وقدراته، وعند اقتراب الأجازة الصيفية يرسلون تقريراً إلى أبيه وأمه بأن ابنهما لديه مهارات في المجال الفني أو الرياضي أو غير
ذلك، حتى يهتم الأبوان في الأجازة بتنمية هذه المهارات. ويعود الطفل إلى المدرسة في العام التالي معه تقرير من والده ووالدته عمَّا
أنجزه خلال الإجازة من خبرات ومهارات.
بناء الإنسان ليس بالعمل السهل، إِنَّه أصعب من بِنَاء المصانع والسدود. إِنَّ الإنسان لابد أن تكون له رسالة وهدف عند سن 12
سنة، يصبح الهدف واضحاً عند الطفل قياساً على مهاراته، يعرف أن هدفه أن يصبح أفضل مهندس كمبيوتر, أو أفضل روائي أو
أنجح رجل أعمال، ويظل الهدف ينمو مع كل سنة تضاف إلى عمره، والحلم يكبر، وأحلام الطفولة تتحول إلى حقائق.
إذا كانت مدارسنا لا تفعل ذلك، فعلينا أن نفعل نحن مع أطفالنا. لابد أن نساعد الجيل القادم على تحديد أهدافه، بأن نأخذ بيده للتعرف
على مهاراته.
القرآن أعطانا أهدافاً واضحة لإرضاء ربنا ودخول الجنة والنجاح في الحياة، فكيف نعيش حياة عشوائية لا تخطيط فيها ولا
هدف؟
نعيش مثل غثاء السيل كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم.. فالغثاء يمضي بلا هدف ولا إرادة. هناك قصة للأطفال اسمها "أليس
في بلاد العجائب" تحكي القصة أن "أليس" كانت تمشى فقابلت صديقها الأرنب، فتقول له حين التقته عند مفترق طرق: يا أرنب..
في أي طريق أمشي؟ قال لها: يا أليس..إلى أي مكان تذهبين؟ قالت: لا أعرف. قال: طالما أنتِ لا تعرفين، يمكنك المشي في أي
طريق… ولابد أن تحدد إلى أين تريدين الذهاب قبل أن تمشي.
هذا الكلام يقال لأطفال الغرب في أفلام كرتون، لكي يشب الطفل وهو مدرك أنه لا بد من هدف يختاره لنفسه لكي يسعى إليه. أي
شركة تنشأ، لابد أن تحدد الهدف من إنشائها مكتوباً ولا يكفي أن تمتلك المال والتكنولوجيا، إحدى الشركات اليابانية الشهيرة، كتبت
هدفاً يوم إنشائها منذ 25 عاماً نصه: " أن يكون المنتج الياباني هو المنتج رقم 1 في الأسواق الأمريكية ".. هكذا ينجح البشر.
لماذا خلقك الله؟
ولكي تختار هدفك لابد أن تجيب عن سؤال: لماذا خلقك الله؟
العلماء على مر التاريخ سألوا أنفسهم هذا السؤال، ولم يصل أي منهم إلى إجابة واضحة، وكانت الإجابة الدقيقة موجودة في
الإسلام.
أفلاطون قال – معاذ الله – (إن الله سبحانه خلق الكون ثم نسيه).. فكانت الآية الكريمة: (وما كان ربك نسيًَّا). فالذي يُنْزِلُ قطرة
المطر لتذهب إلى فَمِ كائن بعينه أو نبات بعينه، لا يمكن أن يكون نسياً.
و قال كارل ماركس – معاذ الله – : (أراد الله أن يلهو ويلعب فخلق الناس لتتصارع).. تقول الآية: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً
وأنكم إلينا لا ترجعون).. فتعالى الله الملك الحق.. لا يصدر عنه العبث أبداً.
و يجيء شاعر مثل إليا أبو ماضي فيقول
جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت ولقد أبصرت امامى طريقاً فمشيت وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيتُ كيف جئت؟ كيف أبصرت
طريقي؟ لست أدري.
لو عرف الشباب لماذا خلقهم الله تبارك وتعالى.. فسيحددون أهدافهم بطريقة صحيحة. وسيكون أوضح وأجمل رد على هذا
السؤال
في القرآن: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ).
إنَّنا نمارس حياتنا بشكل طبيعي، ويكون هدفنا في النهاية إرضاء الله سبحانه وتعالى. والإسلام استوعب كل مجالات الحياة: أن
تتزوج، أن يكون لك أطفال، أن يكون لديك مال، أن تتعلم. حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " نِعْمَ المالُ الصالحُ للرجل الصالح"..
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله".. و "من بات كالاً من عمل يده بات مغفوراً له". فاحرص على أن يكون
هدفك في النهاية هو إرضاء الله سبحانه وتعالى.
وعد الله لأصحاب الإرادة فقط
ما أهمية أن يكون للإنسان هدف؟
الإنسان الذي بلا هدف ساكن في مكانه. الدنيا تتحرك مِنْ حوله: الشمس تجري لمستقر لها، تعرف إلى أين تتجه بدقة. المجرَّات
تتحرك. الكون كله يتحرك. وأنت ساكن مكانك. بل إنك في داخلك تتحرك. خلايا جسمك تتجدد وتتكاثر بآلاف كل يوم، فكيف تظل ثابتاً
في مكانك رغم كل هذا؟ لهذا ستشعر بالغربة في الكون، تتطور إلى اكتئاب. وهذا حال المسلمين الآن.
الدنيا كلها تتقدم، ونحن بلا أهداف. الأمم كلها تجاوزتنا، لأن الجميع يتقدم ونحن ساكنون في مكاننا، سواء على مستوى الأفكار أو
المخترعات. لا أحد يحدد لنفسه هدفاً، ويسعى إلى تحقيقه ويُصرُّ عليه، إلا حققه. والآية الكريمة تقول: ( ومن يُرد ثواب الدنيا نؤته
منها ومن يُرد ثواب الآخرة نؤته منها) ، قال سبحانه: (يُرد) من الإرادة، ولم يقل يتمنى.. مَنْ يُرد..نؤته..ذلك وعد من الله سبحانه.
تذكر نماذج من أصحاب الإرادات الذين حققوا أهدافهم؟
الإمام النووي مثلاً، كان لديه هدف في الحياة، هو أن كل المسلمين على اختلاف طبقاتهم ومستوياتهم الفكرية يستوعبون سُنّة النبي
صلى الله عليه وسلم ويحبونها، ولذلك عمل منهجاً عاماً يصلح لكل المسلمين، فكتب كُتيِّباً صغيراً اسمه (الأربعون النووية)
للمبتدئين. وكتب كتاباً آخر اسمه (رياض الصالحين) للمتوسطين في الثقافة والعلم. ثم كتب (شرح صحيح المسلم) للعلماء
والمتفقهين في مجلدات كبيرة. كأنه منهج دراسي.. وعاش النووي 40 سنة فقط ولم يتزوج.
عمر بن عبد العزيز الذي حقق هذا النجاح العظيم، حتى أُطْلِقَ عليه خامس الخلفاء الراشدين، يقول عن نفسه: ( إن لي نفساً
طوَّاقة). أي نفساً طموحة. ويقول: (اشتقت يوماً أن أتزوج فاطمة بنت عبد الملك لنبني بيتاً للإسلام فتزوجتها، فاشتقت بعد ذلك أن
أكون والياً على المدينة لأحكم في مدينة رسول الله بالعدل فصرت والياً على المدينة. بعد ذلك كنت خليفة للمسلمين
وحكمت حكم الخلفاء الراشدون، واليوم إلى ماذا نشتاق يا عمر؟.. (أشتاق إلى الجنة).
محمد الفاتح – 26 سنة – وضع هدفه: فَتْح القسطنطينية، وحقق الهدف المستحيل.
كيف تحقق هدفك
ما الصفات التي يجب توافرها في الإنسان حتى يحقق هدفه
1-الأمل والتفاؤل.
2- الصبر القوي.
اصبر ولا تيأس ولا تتعجل. يأتي (خَبَّاب بن الأرت) إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحبو ويقول له: يا رسول الله ألا تدعو لنا،
ألا تستنصر لنا. لقد تعبنا. فيغضب النبي ويحمرَّ وجهه ويقول: " إن من كان قبلكم كان يُنشر بالمناشير لا يَرُدُّه ذلك عن دينه. والله
ليُتمَّنَّ الله هذا الأمر ولكنكم تستعجلون". النبي صلى الله عليه وسلم ظل يحاول إقناع القبائل عشر سنوات في 26 محاولة حتى ذهب
إلى المدينة.
1- بذل مجهوداً غير عادي.
2-فهدف بلا مجهود = أحلام.
3-ومجهود بلا أهداف = وقت ضائع.
4-وهدف + مجهود = تغيير الدنيا.
5- قدرة على تخيل تفاصيل الهدف.
التوكل على الله.
دموع الورده دموع الورده 667662_120.gif لا اله الا الله Fatakat 667662 القاهرة – مصر