يعاني الكثير من الأشخاص من مشاكل في النوم نتيجة تدني مستوى نمط العيش لديهم .
وقد أظهرت آخر التحقيقات في هذا المجال أن النوم غير الكافي يتعب المرء للغاية ، حيث يقلل تركيزه
وقدرته على مواصلة العمل لليوم الموالي ، ويسبب أوجاعا في الرأس ، ويشجع أيضا على ارتفاع الضغط
واضطرابات المزاج أو السلوك .
فالنوم أهم ما يحتاجه جسم الإنسان بعد يوم مرهق ومتعب ، فإذا تتالت الليالي الصعبة ،
أضحت المشكلة بمثابة هاجس : " هل سأتمكن أخيرا من النوم ؟.. وكم سيكفيني من الوقت لنوم مريح ؟ " .
هذه التساؤلات رغم بساطتها إلا أنها تشكل خطرا على الصحة حيث تغذي عامل القلق والذي بدوره
يعيق عملية النوم .
* فلماذا يحتاج الإنسان إلى النوم ؟ .
* وما المشاكل الناتجة عن قلته ؟
* وما هي المعايير المساعدة على الاستفادة من النوم الجيد ؟
سواء احتاج الإنسان إلى 5 أو 9 ساعات من النوم ، فهذه الأخيرة ضرورية لتجديد القوى على صعيد الجسم والذهن معا ،
فالنوم أساسي لراحتنا وضروري لاستمرارنا ، إذ بدونه لا مجال لاستعادة القوى والنشاط بعد التعب والتوترات ،
ولا مجال لتجدد الأعضاء ، وهناك ثلاث مراحل مهمة في دورة النوم التي تمتاز بعدة نشاطات كهربائية في الدماغ
وعدة تغييرات للجسم والأعضاء . وتتعاقب هذه المراحل من 4 إل 6 مرات في الليل ودوما بالترتيب ذاته ، حيث ننتقل من اليقظة
الهادئة إلى النوم البطيء الخفيف ، ثم نغرف في النوم البطيء العميق ، والذي نخرج منه لاحقا لدخول النوم التناقضي (paradoxal)
الغني بالأحلام والقريب من اليقظة .
1 ـ في النوم الخفيف تسترخي العضلات
في أولى دقائق هذه المرحلة من النوم ينخفض التوتر القلبي ، فينتظم الإيقاع التنفسي ويصبح عميقا ، أما العضلات فتسترخي في هذه الأثناء ،
لينخفض النشاط الكهربائي تدريجيا في الدماغ . إذن هذه المرحلة هدفها الأساسي ادخار الطاقة المنفقة من الجسم ،
وبالتالي التعويض عن جزء من التعب خلال الصحو .
2ـفي النوم العميق تتجدد الأعضاء
إنها مرحلة النوم الأكثر تجديدا وتعويضا للجسم وتطول مدتها ما بعد تمرين رياضي أو جهد بدني كثيف ، وخلال الحمل عند المرأة ،
وكذا خلال النمو أو مرحلة البلوغ . ففي هذه المرحلة تعمل كل من أعضاء القلب والكبد والكليتين بأدنى حد ،
أما المعايير الفيزيولوجية كمعدلات سكر الدم فتنتظم ، ويتم إفراز هرمون النمو فقط في مرحلة النوم العميق . بينما الراشد ينشط عنده
إنتاج البروتينات وبالضبط تلك المتدخلة في صيانة العظام والعضلات ، في حين أن البشرة تستعيد إشراقها
من خلال التغذي بالاوكسيجين . أما الدماع فلا يبقى عاطلا عن العمل بل هو يصلح أغشية عصابته ويكون
تواصلات عصبية جديدة .
3ـ في النوم التناقضي يعمل الدماغ
إن لفظة " تناقض " آتية من التفاوت الكبير في هذه المرحلة ، بين هبوط التوتر العضلي وازدياد نشاط الدماغ
الذي ترافقه حركة سريعة للعينين لإنتاج الأحلام، وربما هي أساسية للتوازن النفسي واستعادة الذاكرة العملية
التي نستعملها في تلقن سلسلة جديدة من الحركات ، فهذه المرحلة تسمح أيضا بإيجاد حلول لمسائل غير المعالجة ، عندها يستكشف الدماغ
حلولا أو خيوطا أخرى تسمح بتحليل منطقي مختلف في الوقت عينه نستعيد المزاج الجيد وقدرة التكيف مع الأوضاع.
تشكل قلة النوم تأثيرا سلبيا للغاية على الصحة والعامة للفرد ، فخبراء علم البيولوجيا العصبية يؤكدون بأن ساعة
أقل من النوم كل ليلة وعلى مدى بضع سنوات ، تخلف عواقب خطيرة تشجع على ظهور الكثير من الأمراض . فقلة النوم تؤدي إلى التقليل
من مقاومة الجسم للعدوى نتيجة تراجع المكونات المناعية ، كما تزيد من تفاقم حالات التهاب الكبد (ج) ، والحساسية للبكتيريا والفيروسات،
أو مرض الإيدز إذا ما وجد ، إضافة على أن قلة النوم تزيد من احتمال ارتفاع الضغط وأيضا المعاناة من أمراض قلبية وعائية .
كما تسبب قلة النوم اضطرابا في العمل الخلوي حيث تفسد عمل الخلايا وتضعفها كثيرا عندما لا تنام ما يكفي لاستعادة الطاقة الكاملة .
أما بالنسبة للرضيع فقلة النوم تسهم في إبطاء نمو دماغه ، لذلك من المهم جدا الحرص على عدم حرمان المواليد الرضع
من النوم بصفة عامة والنوم التناقضي بصفة خاصة .
تعتبر الساعة البيولوجية ، حسب دراسة لطبيب الأمراض العصبية د. خزعل عبد السلام ، آلية شديدة الحساسية ، وتتمثل مهمتها في
تنظيم عدد من وظائف الجسم قبل النوم ، وكذا التمثيل الغذائي والسلوك ، وتسير على إيقاع ثابت وعلى مدار 24 ساعة يوميا بلا توقف ،
لتنظيم عمليات الأيض (الاستقلاب)، وانقسام الخلايا ، وإنتاج الهرمونات إلى جانب دورة النوم والاستيقاظ ومن خلال هذه الآلية يعرف
الإنسان توقيت سلوكه
طوال النهار ، بحيث يتأكد من أن كل عضو من أعضائه يعطي خير ما عنده في الساعة المعينة للقيام بوظيفته التي ينتظر أن يقوم بها .
وفي ما يلي توضيح لأهم أوقات النوم الجدي والصحي :
1ـ النوم من الساعة 9 مساء ولغاية الساعة 12 منتصف الليل ، فإن كل ساعة نوم تعادل
3 ساعات من الراحة .
2ـ النوم من الساعة 12 منتصف الليل ولغاية الساعة 3 صباحا ، فإن كل ساعة نوم تعادل
ساعة ونصف راحة .
3ـ في حين أن النوم من الساعة 3 صباحا وحتى الساعة 5 فجرا ، فإن كل ساعة نوم تعادل
ساعة واحدة فقط من الراحة .
فمثلا إذا ذهبت إلى النوم من الساعة 10 مساء ولغاية الرابعة صباحا ، ستحصل على ما يعادل
11 أو 12 ساعة من الراحة . مما ينعكس إيجابا على صحة الفرد الذهنية والجسدية .
يحبذ الإسلام النوم المبكر والاستيقاظ عند الفجر ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال " اللهم بارك لأمتي في بكورها " . وقال صلى الله عليه وسلم " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " .
أما الفوائد الصحية التي يجنيها الإنسان بيقظة الفجر فهي كثيرة نذكر منها :
1ـ عند الفجر تكون أعلى نسبة لغاز الأزون " 03"، وهو أحد نظائر الاكسيجين الموجود في
طبقات الجو العليا لحماية الأرض من الإشعاعات الضارة ، فعند الفجر ينزل إلى الطبقات الدنيا
الملامسة لسطح الأرض . ولهذا الغاز تأثير مفيد للجهاز العصبي ومنشط للعمل الفكري والعضلي ، بحيث يجعل ذروة
نشاط الإنسان الفكرية والعضلية تكون في الصباح الباكر .
وقد ثبت علميا أن حقن الأزون يمكن أن تعطي الجسم نشاطا هائلا وتشعره بسعادة كبيرة ، ولهذا يستشعر الإنسان عندما يستنشق
نسيم الفجر المسمى بريح الصبا لذة ونشوة لا شبيه لها في أي ساعة من ساعات النهار أو الليل ..
2ـ إن أشعة الشمس عند شروقها تكون قريبة إلى اللون الأحمر المثير للأعصاب والباعث على اليقظة والحركة ،
كما أن نسبة الأشعة فوق البنفسجية تكون أكبر عند الشروق . وهي الأشعة التي تحرص على صنع فيتامين (د) .
3ـ الاستيقاظ الباكر يقطع النوم الطويل ، وقد تبين حسب الدراسات أن الإنسان الذي ينام ساعات طويلة وعلى وثيرة واحدة
يتعرض للإصابة بأمراض القلب وخناق الصدر ، لأن النوم ما هو إلا
سكون مطلق ، فإذا دام طويلا أدى ذلك لترسب المواد الدهنية على جدران الأوعية
الشريانية الإكليلية القلبية ، ولعل الوقاية من عامل الأمراض الوعائية هي إحدى الفوائد التي يجنيها المؤمنون الذين
يستيقظون في أعماق الليل متقربين لخالقهم بالدعاء والصلاة .
إذن فالاستيقاظ المبكر قبل بزوغ الشمس يحسن من نباهة الإنسان ، وحيويته ، ونشاطه ،
كما يحسن الوضع الصحي
للإنسان بشكل عام . في حين أن النوم بعد شروق الشمس يزيد الكسل والخمول الذهني والبدني .
يجب أن يكون رأس الإنسان حسب أبحاث علم الفينشوي باتجاه الغرب أو الجنوب حصرا عند النوم ، لأن الإنسان عندما
ينام وقدماه باتجاه الجنوب فإن المجال المغناطيسي للكرة الأرضية سيؤثر على المجال المغناطيسي لأجسامنا ، بالتالي سيؤدي ذلك
إلى حصول الإجهاد الفكري والشعور بالكسل والإصابة ببعض الأمراض الباطنية . أما النوم ورؤوسنا باتجاه الغرب سيؤدي
إلى الشعور بالسكينة والهدوء العميق وتحسن واضح لوضعنا الصحي .
ـ الالتزام بموعد الاستيقاظ يعد عاملا مهما لضبط ساعة الدماغ البيولوجية ، كما أنه خير ضابط
لنشاط الهرمونات، ولا يقل عن أهمية انتظام ساعة الدخول إلى سرير النوم .
ـ ضرورة التهيء للنوم قبل الدخول إلى الفراش بساعة من الزمن لتوديع مشاكل الذهن والمخ
والجهاز العصبي .
ـ وضع ساعات النوم فوق الأولويات والاعتبارات الأخرى التي قد تقتص من النوم تبعا للمستجدات أو الأمور الطارئة .
ـ توديع العمل ومكانه بساعات قبل النوم، حتى لا يستمر الذهن في حالة تأهب ويقظة وارتباط
بمشاغل العمل والتزاماته .
ـ الاستعانة بالمعايير الملائمة والأنسب لمكان النوم وفراشه وغرفته .
قلب وقف لله قلب وقف لله فتكات جديدة Fatakat 600017 الرباط – المغرب