تخطى إلى المحتوى

نظرة حول قانون الجذب فى الدين الاسلامى 2024.

لا شك أن الدورات التدريبية والتي تقوم على تنيمة الفرد وتهذيب أفكاره وإرشاده إلى حسن التدبير لها دور بارز وقوي في تحقيق النجاح لكثير من الناس ولو كان ذلك النجاح نسبياً عند البعض. لكن ما ينبغي علينا أن نراعيه في تأييد أو نقد هذه الدورات المنتشرة اليوم في عالمنا لاسيما في منطقتنا العربية هو أن نميز بين تلك الدورات التي تدعو إلى تنظيم حياتنا اليومية وحسن استغلال الوقت وطرق حل الإشكالات التي تصادفنا في معترك الحياة وبين التي تدعو إلى تجاوز الإنسان الخطوط الحمراء غير المسموح تجاوزها شرعاً.

ومن تلك الدورات التي تطرح على عامة الناس وخاصتهم ما يسمي ( بقانون الجذب the law of attraction) . وفي الحقيقة أننا لا نستطيع أن نحكم على هذه المعلومات والتي يقوم المدربون من خلال تلك الدورات بتلقينها المتدربين لديهم إلا من خلال البحث عن أصولها التاريخية – إن كانت ذات تاريخ – أو إثباتاتها العلمية أو ممارساتها العملية.
فقمت بالبحث عن ما وراء هذه العناوين البراقة – والتي تبرز عادة في صدر كل إعلان عن عقد دورة من تلك الدورات ذات الصلة بهذا القانون – وقمت بمقابلة بعض المدربين لـ (قانون الجذب ولم أكتف بذلك بل أرشدني بعض المختصين أن هناك فيلماً وثائيقاً أطلق عليه اسم ( السر The Secret ) صدر يؤصل (قانون الجذب) ويشرح مفهومه وأبعاده من غير تحفظ ، وفي الحقيقة أن هذا ما كنت أبحث عنه فحرصت كل الحرص على هذا الفيلم الوثائقي.

لا أخفيكم سرا إن قلت لكم أن هذا الفيلم أشبه ما يكون (بفيلم خيالي –فاشل!!-) يروي قصصا في غاية السخف فأحدهم كان يتذمر من كثرة الفواتير التي تتزاحم على صندوق بريده مطالبة بسرعة السداد وما إن طبق هذا القانون حتى تبدلت تلك الفواتير بشيكات مالية !! ،وغيره من القصص الخرافية.

والإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان وهو مراد الله في خلقه ولا يعلمه إلا هو عز وجل ، ولذلك أرسل المرسلين تفهمنا الطرق المشروعة والتي تكون سببا في جلب الخير لنا ودفع الشر عنا ، فشرّع لنا الدعاء وبذل الصدقة والتوبة والإنابة إليه بالإضافة الى بذل الأسباب في جلب الرزق … الخ . ولا أظن أن هناك حاجة لسرد الآيات والأحاديث والتي تثبت بأن الأقدار والأرزاق يصرفها الله تعالى كيفما يشاء بخلاف ما يزعمه هذا القانون الباطل والذي فيه من الافتئات على سلطان الله عز وجل ما فيه وهناك ردود كثيرة لا أقول من كتاب المسلمين فحسب بل من الغربيين والأكاديميين منهم خاصة على هذه الخزعبلات.


والذي يعرف أصول هذه الفكرة يعرف بأن هذا تدليس وتلبيس على عامة الناس وهم بمثابة الساحر الذي يعمد إلى عقد سحره بطلسماته وما أن ينتهي حتى يقوم بإسماع المسترقي سورة (قل هو الله أحد….) وآيه الكرسي ليثبت أن فعله شرعي، لأنه في اعتقاد هذا المدرب أن الطاقة التي ستجلب لك القدر بعد (14 يوماً) قد انطلقت فما تعمله بعدها فلا قيمته له أصلاً غير إرضاء المتدرب دينياً،والجميل في الغربيين أنهم صرحاء في طرح أفكارهم صرحاء في مناقشتها بينما المترجمون للأفكار الغربية من العرب نجد – وللأسف – أن الخداع والالتفاف أسلوبهم الأمثل في طرح أفكارهم .

ومن المضحكات أنهم يحتجون بآيات وأحاديث تثبت بزعمهم أنها تؤيد ما ذهبوا إليه ومن ذلك استشهادهم بأن الله يقول في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي…) . وإن كان فريقا من شراح الحديث ذهب إلى إن المقصود من الحديث هو احسان الظن بالله تعالى عند الموت لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يموتن أحد منكم إلا وهو حسن الظن بالله تعالى ) ولكن لنسلم أن ذلك في الحياة عموما فنقول:إن منظري هذا القانون لا يقولون بحسن الظن بالله بل بحسب قوة الطاقة التي تنطلق من البدن في هذا الكون لجلب الحظ الحسن المتولدة من قوة الإعتقاد بوقوع المراد يقول أحد منظري هذا القانون (بأن ما تتمناه سيأتيك ولو سألت من الذي أرسله لي فصاحب اللاهوت سيقول الرب والفيزيائي سيقول الطاقة وكل سيصرف القدر لما يؤمن به ونحن نقول – أي منظري قانون الجذب – لا يهم هذا أم ذاك ولا تشغل بالك في ذلك والمهم أنه ما تتمناه أتاك ……) انتهي بتصرف. هذا أولا
ثانيا : من أين لكم أن استخدام الطاقة المزعومة مجلبة للقدر المرغوب به أو غير المرغوب به ؟ ومن قال لكم أن مجرد حسن الظن بالله تعالى ( في رزق معين) من غير سعي مجلبة له ؟ يقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى معلقا على من احتج على ترك العمل بحديث ( أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا) فما هذا إلا كلام صحيح مقبول الظاهر في القلوب فاعلم أن الشيطان لا يغوي الإنسان إلا بكلام مقبول الظاهر مردود الباطن ولولا حسن ظاهره لما انخدعت به القلوب ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كشف عن ذلك فقال الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله ) .
ثالثا : من الذي قال أن مفهوم الحديث ينطبق مع هذا القانون المزعوم فمفهوم الخيرة الشرعي لا يرتبط مع المراد الشخصي فقد يمنع الله عز وجل ما يريده العبد من مال أو جاه أو غير ذلك كون حصوله عليه يشكل له فتنة مثلا في دينه أو شرا لم يحسب له حسابا ، بينما هذا القانون ( الجائر ) لا يميز بين ما هو خيرة وبين ما هو شر للإنسان بل كل ما تتمناه سيأتيك وأنت تتحمل العواقب !!

وأخيرا أقول ( إن بين يدي الدجال سنوات خداعات ) فالحذر كل الحذر من هذه الدورات المشبوهة والتي تطعن في أصل الاعتقاد وبنبغي علينا أن نعلم أن الانفتاح على الآخر لا بد وأن يكون منضبطاً بضوابطنا الشرعية والتي أمرنا بها وأن ديننا خير منهج ودليل في تحقيق مصالحنا (ومن أحسن من الله دينا لقوم يؤمنون ) وأن جلب الأرزاق أو صرف المكروه بيد الله ولا يمكن لشخص جلب ما يريد أو صرف ما يكره إلا بمراد الله ، وقد وضح لنا الإسلام سبيل ذلك فشرع لنا الصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعمل والتوكل على الله عز وجل.
ولا يفتأ أهل الضلالة في صدكم عن دينكم ما استطاعوا ، فلديهم من الشبهات ومشكل الآثار مايثيرون وساوس الفكر وسيئ الأوهام مما تجعل الإنسان العامي في لبس من أمره بل وبعض طلبة العلم أيضا !! ولقد ضربت صفحا عنها لطول الرد عليها ، ولكثرة النصوص فيها لكن يجمل الرد عليهم قوله تعالى (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ ) .

المصدر: الاسلام ويب


ميمى محمد عنتر ميمى محمد عنتر فتكات رائعة Fatakat 428498 القاهرة – مصر

سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.