المصدر:التغيير
العجيب في كل هذه الحياة أن الواحد منا, يبحث عن كيانه في وسط هذا الركام المتناثر من شظايا الدنيا الفانية وقد يجده أو لا يجده, لو كانت تدوم لما وصلت لي ولك, ولكنها هباء و حطام تعلقت به النفوس والأفئدة .
في كثير من الأحيان حينما أبصر فتاة جميلة أمامي أتمنى لو كانت لي , وحينما أبصر سيارة رائعة أحلم أني سائقها و مالكها وحينما أبصر قصرا جميل, أرغبه مسكنا لي , هل التعلق بالجمال خطيئة ؟ وهل الزهد فيه فضيلة؟هل الجمال هو الثروة ؟
هل الدنيا وبهرجها هي السعادة ؟؟؟؟.
لقد تم تأليف الكتب والمجلدات في محاولة الإجابة على هذه الأسئلة, وكل المقاربات في هذا السياق كانت نسبية, لكن الإسلام كتابا, وشرعة, ودينا أجاب جوابا واضحا بينا, هو أن الدنيا دار امتحان و عمل و ابتلاء وكل غير هذا الأمر ,يعتبر خروجا عن الغاية من خلق الإنسان ووجوده.
لماذا خلق الإنسان؟؟ لماذا وجد؟؟؟ ما الغاية من أننا نعيش في هذه الحياة ؟؟
الإسلام يجيب عن ذلك في قوله تعالى( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون )
الهدف إذن العبادة, عبادة الله, لكن هناك هدف آخر إلى جانب هذا الهدف الرئيسي , وهو عمارة الأرض , يقول تعالى ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ) فنحن البشر خلفاء الله في هذه الدنيا والخليفة يعمر ما استخلفه الله عليه, ولذلك فكل ما في هذه الأرض هو مسخر للإنسان فالله سخر لنا ما في السماوات والأرض جميعا بهدف التعمير.
وعليه فإن كل واحد منا مطالب بالتعمير, ولكن كيف نعمر الأرض؟؟؟
إذا كنا نعرف هدفنا الأول الذي هو عبادة الله, فكيف ندرك هدفنا الثاني تعمير الأرض؟ ,حسنا الناس يعمرون الأرض بالولادات, و بالبنيات, وبتوفير الرفاهة لحياة البشر, بالصناعات,بالاختراعات, بالإبداعات, ويتطلب منهم ذلك جهدا
وطاقة ووقتا , أنت كعضو في البشرية ,بماذا ساهمت في هذا الإعمار, لو كنت تعمل أو تشتغل في أي عمل ستقول لي, من خلال عملي أساهم في هذا الإعمار , صحيح أنت تساهم في عمار الأرض, والذين لا يشتغلون هل يساهمون مثلك؟ كلا لأنهم همل زائدون على الدنيا , ولا يزيدون فيها شئ ,فقط يستهلكون وهؤلاء لا كلام معهم ,
قصدي أنت أيها المشتغل , وسؤالي لك هل أنت سعيد في عملك ؟؟ إذا كان الجواب بلا , فأنت كأغلب الناس يشتغل لأجل
لقمة العيش وتربية الأولاد, ثم الشيخوخة, ثم الموت, هل هذه غايتك؟
هل هذا هو عمار الأرض ؟ لا كلا لا تعش إنسان عاديا عش بحسب ميولك ومهاراتك وطموحاتك وأهدافك ,كيف ذلك ؟ لا محالة الأمر يحتاج للشرح و التفسير ؟؟
الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا ,قام باختيار كل صحابي من أصحابه للقيام بمهمة تتوافق مع قدراته ومواهبه , "فخالد ابن الوليد " مهاراته حربية إستراتجية, ولذلك اختاره الرسول صلى عليه وسلم لقيادة الجيوش , إذن خالد رضي الله عنه سعيد في عمله لأنه يتوافق مع ميوله, وهو بمحاربة الكفار والطاغوت لأجل إحلال السلام الضروري يساهم في,إعمار الأرض, أبو هريرة لرواية الأحاديث , عمر ابن الخطاب للسياسية والحكم ,وقس على ذلك باقي أصحابه رضي الله عنهم أجمعين , يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) , معناه أننا ميسرين أي, في داخلنا خلقت موهبة و مهارة يجب أن نكتشفها ونعمل عليها ونبني عليها أهدافنا في الحياة , ونجعلها مهنتنا و مشروع حياتنا,إني سائلك الآن ما الغاية من خلقك ؟ ما هي مواهبك ومهاراتك؟ هل تستغلها؟ هل تعمل في عمل يتوافق معها ؟ إذا أجبت على ذلك
بما يتوافق مع ما طرح في المقال كن متأكدا انك ستعيش مبدعا, سعيدا, وناجح في حياتك.
إلا أن الكثير من القراء قد يتساءلون ,وكيف اعرف مهارتي و قدراتي , حتى أضعها في أهداف ؟
هناك العديد من الطرق لكي تعرف قدراتك , كأن تتذكر المواد الدراسية التي كنت تحبها ,فلو كنت تميل مثلا للرياضيات فخير لك أن تضع هدف أستاذ لمادة الرياضيات أو عالم رياضيات أو مهندسا وكل المواد كذلك وهلم جرا …..
أما إذا نسيت المادة المحبوبة إليك, فقم بسؤال أصدقاء عن المواهب التي يلاحظونها فيك هل أنت خطيب مفوه؟ , هل أنت كاتب صاحب أسلوب رائع ؟
هل أنت ممثل جيد ؟ وحينما تعلم انطلق في طريق موهبتك………..
إن لم يخبرك أصحابك بأي شيء, أو لم يتضح لهم منك أي موهبة أو مهارة, فعليك أن تمسك ورقة و قلم وتكتب كل أحلامك كل أمنياتك من دون أن تتوقف أو تضع حدود لخيالك أو أفكارك, وأنضر أي هذه الأحلام ممكن التحقيق فاكتبه في ورقة أخرى و احذف كل الأهداف المستحيلة, و أنضر هل هدفك يخدم الإسلام و ينفع البشرية , هل يصلح ليجعلك من كبار عمار الأرض ؟؟
وكل هدف في قائمتك يخرج عن هذه المبادئ , فقم بحذفه و إلغائه ……
في النهاية سوف تتبقى أهداف قليلة, اختر منها ما يتوافق وميولك ثم ابدأ التخطيط لتحقيقها……..
عزيزي إن فشلت في كل الخطوات التي أشرت لها , فعليك أن تتصل بأقرب مركز للتنمية الذاتية , هناك سوف يختبرونك ثم يرشدونك لما خلت
من أجله, ويكشفون ميولك ومهاراتك التي خلقها الله عز وجل فيك …..إ ن السعادة الحقيقة, والثروة الحقيقة, هي أن تجد لنفسك غاية وسببا تقوم لأجله كل صباح من النوم, لماذا استفقت ؟؟ كيف ستقضي يومك ؟؟ ماهو طريقك ؟؟؟
تقول "جاكلين كندي" ( الثروة الحقيقة التي تستحق أن تجدها هي أن يكون لك هدف في الحياة ) ,يقول "هاري كمب" (ليس الفقير هو من لا يمك مالا ولكن الفقير هو من لا يملك حلما) . كيانك ووجودك له غاية , وطموحك السعادة وسعادتك, أن تعرف طريقك نحو تحديد هدفك في الحياة وإرضاء ربك والعبودية له ودخول جنته .
asmaa.aboelfath asmaa.aboelfath فتكات حبوبة Fatakat 678604 القاهرة – مصر