العلاج النفسي أساليبه وأنواعه ومن يستفيد منها..
الحالات النفسية المضطربة تحتاج إلى عدة وسائل علاجية تكمل بعضها. "فالعلاج العضوي" الذي يشرف عليه الطبيب النفسي دون غيره يعتمد على العقاقير النفسية وأحيانا بالصدمات الكهربائية. أما "العلاج الاجتماعي" فيقوم به الأخصائي الأجتماعى الذي يساعد المريض على أيجاد الحلول المناسبة لمشاكله الاجتماعية والبيئية التي تسبب له ضغوطا فوق طاقته لا يستطيع التكيف معها وتؤدي في النهاية للحالة المرضية. وفى حالةاستمراريتها بعد شفائه قد تؤدي إلى انتكاسة مرضية جديدة. أما "العلاج النفسي" الذي نحن بصدده والذي يقوم به الطبيب أو المعالج النفسي فيساعد المريض على تفهم أعراض وأسباب مرضه ومن ثم التخلص أو التكيف مع هذه الأعراض النفسية التي تكون عائقا أمام أدائه المهني والاجتماعي والأسري أو علاقاته مع الآخرين أو تعمق فيه أفكار سلبية عن نفسه كعدم الثقة بالنفس وانخفاض اعتبار الذات.
هام:لا يستجيب المرضى الذين يعانون من اضطرابات ذهانية أو عقلية، مثلاً الفصام واضطرابات الوهم والاضطرابات الوجدانية المصاحبة بأعراض ذهانية، للعلاج النفسي لأن مرضهم يسلبهم البصيرة والاتصال بالواقع, ولكن بعد استعادتهم للبصيرة وانحسار غالبية الأعراض المرضية الحادة يمكن للعلاج النفسي أن يساعدهم على استعادة ثقتهم بنفسهم مع تفهم وتقبل مرضهم وذلك يحفزهم على متابعة علاجهم والمضي قدما بحياتهم.
بصورة عامة يرتكز العلاج النفسي على فرضية عامة مؤداها أن لكل فرد إمكانيات عظيمة كامنة داخله يستطيع استغلالها بنفسه أو بمساعدة معالج متدرب ومتمرس لكي يجد الحلول المناسبة للخلاص أو التعايش مع مشاكله أو اضطراباته. وتوجد وسائل متعددة للمعالجات النفسية يستطيع المعالج المتمرس أن يختار من بينها المناسب والمتلائم مع الحالة المرضية للمريض لأن كل مريض نفسي متفرد في أسلوب تفكيره واستجاباته العاطفية والسلوكية. والهدف من العلاج هو التكيف مع الحالة المرضية أو تحقيق شخصية ناضجة يستطيع معها المريض التعامل مع مشاكله بواقعية.
العلاقة العلاجية:"Therapeutic relationship"
العلاقة العلاجية بين المعالج والمريض مهمة للغاية لأنها تحدد مدى نجاح العلاج, فيتطلب أن تكون هذه العلاقة مبنية على الثقة والألفة والتعاون والتفاهم والتقدير المتبادل. ولقد أوضحت بعض الدراسات أن 30% من النجاح العلاجي يعتمد على هذه العلاقة. ولهذا يسعى المعالج من الوهلة الأولى لخلق هذه العلاقة مع مريضه أو عميله وذلك للتأكد من الحصول على نتيجة ايجابية للعلاج.
العملية العلاجية:"Therapeutic process"
العلاج النفسي يتطلب عقد لقاءات "جلسات" تضم المعالج والمريض في مكان هادى ومريح ولفترات محددة قد تكون أسبوعياً أو كل نصف أو شهر كامل يتفق عليها مسبقاً, قد تكون هذه الجلسات فردية أو جماعية وغالباً ما تكون هنالك واجبات منزلية ليزاولها المريض بين الجلسات وذلك لتأكيد المساهمة النشطة للمريض لإنجاح عملية العلاج. فكلما كانت دافعية العميل للعلاج كبيرة، وثقته و تعاونه مع معالجه لا محدود, والتزامه بالخطة العلاجية قوى، وتوقعه لنتيجة علاجية ايجابية عظيم كانت فرص النجاح أوفر.
غالباً ما تستمر الجلسات الفردية لحوالي 50 دقيقة، أما الجماعية التي قد تضم من ستة لثمانية مرضى يعانون من نفس المشكلة فقد تأخذ وقتاً أطول حوالي الساعة والنصف. ويراعى في المجموعة الانسجام في العمر والمستوى التعليمي والاجتماعي.
من يقوم بالعلاج النفسي؟
قد يكون المعالج طبيب أخصائي نفسي، أو أخصائي في علم النفس الإكلينيكي، أو دارس ومتدرب في العلاج النفسي.
يتميز الطبيب النفسي عن الآخرين بدراسة الطب العام والتخصص في الطب النفسي, لذلك فهو مؤهل للتفريق بين الحالات التي تعاني من أمراض عضوية في المقام الأول والتي قد تنجم عنها أعراض نفسية، من تلك الحالات التي تعاني من اضطرابات نفسية فقط. أما الاثنان الآخران فلا يستطيعان ذلك ويحتاجان لتحويل المريض لطبيب لأخذ رأيه إذا ما كانت هنالك شكوك في أنه قد يعاني من مرض عضوي, وهما كذلك غير مخولين لتحرير وصفات طبية.
سرية أو خصوصية العلاج:
يتطلب العلاج النفسي قدر كبير من السرية والخصوصية ولا يحق لأى معالج إفشاء أو مناقشة ما دار بينه والمريض مع أي شخص كان بدون أذن المريض نفسه,ويجب على المعالج أن يطمئن المريض على أن أي شي يدور بينهما أثناء الجلسات سوف يكون في كامل السرية، وعلى المريض أن يثق في معالجه بناء على ذلك.
لكن توجد بعض الاستثناءات لهذه القاعدة حيث يتطلب من المعالج إفشاء هذه السرية إذا كان المريض يشكل خطرا على نفسه أو على الآخرين, مثلا تهديده بالقيام بعمل يشكل خطورة على نفسه أو على الآخرين, كالانتحار أو إيذاء شخص آخر.
هام جدآ:لماذا ينجح العلاج النفسي:
يسمى العلاج النفسي أحيانا "بالحديث الشافي" نسبة لأن تبادل الأفكار والتواصل بين المريض والمعالج في جو تسوده الثقة والألفة والتفاهم والتقبل غير المشروط للعميل أو المريض تساعد على صنع علاقة علاجية تسمح للمريض باستكشاف كل الصراعات والعواطف والذكريات المؤلمة والغير واعية بداخله، ومن ثم بمساعدة المعالج يستطيع المريض أن يتفهم أسبابها لكي يستطيع التعامل معها بصورة واقعية ولأحداث التغيير المناسب في شخصيته وطرق استجاباته الذي يحقق له التخلص من مشكلته.
كما أن الثقة والاعتقاد في مقدرات المعالج تسمح للمريض أن يتفاءل ويتوقع نهاية سعيدة لآلامه وكربته.
من يستفيد من العلاج النفسي:
يكرس العلاج النفسي لعلاج الأمراض النفسية، و اضطرابات التكيف، و اضطرابات السلوك. وللعلاج النفسي دور كبير في علاج الاضطرابات العصابية مثلاًاضطرابات القلق، والمخاوف بأنواعها، واضطراب الفزع، واضطراب الوسواس القهري والاضطرابات الاكتئابية الخفيفة.
كذلك يستفيد منه أولئك الذين يفقدون الثقة بأنفسهم وذوي الاعتبار الذاتي الضعيف نتيجة أحداث مؤلمة في طفولتهم أو نتيجة لإصابتهم بمرض نفسي في السابق, وكذلك يستفيد من العلاج النفسي الذين يعانون من ضغوط بيئية فوق طاقتهم، والذين يعانون من مشاكل عاطفية أو مشاكل تتعلق بعلاقاتهم الزوجية أو الأسرية أو الاجتماعية. وكذلك قد يستفيد من العلاج الذين يعانون من عادات أو صفات سلبية تخلق لهم مشاكل في حياتهم أو علاقاتهم بالآخرين بصورة عامة.
أنواع المعالجات النفسية:
1) العلاج السلوكي:"behavior therapy"
يعتمد هذا العلاج على نظرية التعلم الشرطي التي تفترض أن الاضطرابات النفسية ما هي إلا عادات غير سوية مكتسبة لتجنب الأعراض التي يعاني منها الشخص كالقلق والخوف.
ففي حالة إطفاء هذه الاستجابات الشرطية بهذه الوسيلة العلاجية يمكن للمريض أن يسيطر على حالته النفسية. وهنالك عدة وسائل لتحقيق ذلك من بينها: "المنع أو الكف", "الأشراط السلبي", "الأشراط الإيجابي"، و"التنفير".
وهذا الأسلوب ناجح في علاج الاضطرابات العصابية بشكل خاص كاضطراب القلق المعمم, واضطرابات المخاوف مثلا "المخاوف الاجتماعية", واضطراب الفزع، واضطراب الوسواس القهري، والاضطرابات الجنسية.
2) العلاج المعرفي- السلوكي:"cognitive / behavior therapy"
يؤكد المنظور المعرفي للاضطرابات النفسية على دور التفكير المغلوط في نشوء هذه المشكلات واستمراريتها. ويسعى هذا النوع من العلاج إلى إحداث تعديل أو تغيير في أنماط التفكير التي يعتقد أنها تساهم في خلق مشكلات للمريض عاطفية كانت أم سلوكية.
العلاج يساعد المريض على التعرف على الأفكار التلقائية التي تطرأ أثناء اليوم من آن لأخر وما تحمله من افتراضات غير صحيحة والتي تؤدي إلى عواطف وسلوكيات غير مرغوبة. وعندما يتحقق المريض من خطأ هذه الافتراضات يلجأ إلى تصحيحها أو تعديلها لطبيعتها الايجابية ومن ثم يحقق التغيير المرغوب في عواطفه واستجاباته ومن ثم يتخلص من معاناته.
يستفيد من هذا العلاج المرضى الذين يعانون من اضطرابات الاكتئاب والقلق.
3) العلاج التحليلي النفسي:"psychoanalytic therapy"
هذا النوع من العلاج يستفيد منه المرضى العصابيون الذين يعانون من صراعات ورغبات داخلية غير واعية أو مكبوتة تتعارض مع أخلاقياتهم وقيمهم. عملية الكبت لهذه الصراعات والرغبات والغرائز الحيوانية ينتج عنها مشاعر قلق وخوف أو فزع إذا ما ضعفت عملية الكبت وتسربت إلى العقل الواعي.
فعند بداية الجلسة يضع المعالج المريض في حالة استرخاء عميقة ومن ثم يسمح له بالتعبير لفظيا عن كل فكرة تخطر على باله مهما كانت تافهة أو غير مهمة بدون أي تدخل من عقله الواعي. هذه العملية يطلق عليها "التداعي الحر". وفى خلال العملية قد يحاول المريض "مقاومة الإفصاح" عن بعض الأحداث المؤلمة بالصمت أو بتغيير مجرى أفكاره، ولكن يلجأ المعالج إلى استدراجه للعودة لنفس الفكرة من جديد. وكذلك في أثناء العملية العلاجية قد يقوم المريض "بالتفريغ أو بالتنفيس" عن كل العواطف المكبوتة داخله والمرتبطة بصراعاته المكبوتة فيعيش تلك الأحداث مرة ثانية كما حدثت أول مرة، وهذا التنفيس له مفعول علاجي كبير. ومن خلال عملية " التداعي الحر" أو عملية "التنفيس" يتعرف المعالج على السبب الرئيسي للصراع وكذلك على ميول وغرائز المريض المكبوتة وبعد تدارسها وتحليلها يحقق المريض حالة من "الاستبصار" تساعده على تفهم أسباب مشكلته بصورة ناضجة ومن ثم التكيف معها, وبهذا يتخلص من معاناته.
4) العلاج النفسي الداعم:"supportive therapy"
العلاج الداعم أو المساند من أكثر المعالجات النفسية استعمالاً ولا يعتمد على نظريات محددة. فالمعالج يلجأ إلى وسائل مختلفة ليقوي من عزيمة المريض لمساعدته للتخلص من معاناته ولإيجاد الحلول الواقعية لمشاكله, ومن بين هذه الوسائل الإرشاد، والإقناع، والإيحاء، والتوجيه.
5) العلاج البيشخصى: "interpersonal therapy"
هذا الأسلوب من العلاج النفسي يركز على دور العلاقات الشخصية في ظهور أعراض المرض ومن أهمها الاكتئاب.
هذا العلاج مبنى على فرضية أن الاكتئاب يحدث في إطار العلاقات الاجتماعية والإنسانية الغير متوافقة. لذلك يركز المعالج على استكشاف علاقات المريض الاجتماعية والبشخصية أو أي تغير في علاقاته الشخصية كوفاة شخص عزيز ومقرب لديه أو مغادرة أبن لمنزل الأسرة أو تدهور في العلاقة الزوجية.
لهذا الأسلوب العلاجي عدة مراحل:
· تشخيص الحالة الاكتئابية.
· تحديد أسباب الحالة.
· دور علاقات المريض الشخصية في ظهور الأعراض الاكتئابية.
وضع إستراتجية للمريض لكي يستطيع التعامل مع حالته المرضية.
[/font][/size][/color][/b][/center]
سهله سهله images/avatars/theworld.gif فتكات هايلة Fatakat 492682 مدينه الأحلام – مصر ام الدنيا