تخطى إلى المحتوى

الكلمة 2024.

تُعتبر الكلمة من أهم الأشياء فى حياتنا ، فنحن لا يمكن ان نعيش وحدنا فى هذه الدنيا ، و لكى نتعامل مع الناس و نتواصل معهم نحتاج إلى الكلمة التى بها نعبر عما بداخلنا و ما نحتاج و ما نريد .

و الكلمة فى حد ذاتها تعكس شخصية صاحبها ، و تدل على أخلاقه ، أفكاره ، و معتقداته و لذلك قال الأمام على رضى الله عنه : " تكلموا تُعرفوا ؛ فإن المر مخبوء تحت لسانه " ، و أعتقد أنه لا يوجد أدنى شك فى أهمية و خطورة الكلمة فهى تؤثر على مشاعرنا ، قراراتنا ، و أفعالنا و تحدد مسار حياتنا و أيضًا تؤثر على ردود أفعال الناس تجاهنا .

لذلك كان علينا أن نهتم لما نقول فكان ابن عباس رضى الله عنه يمسك لسانه و يخاطبه قائلاً : " قل خيرًا تغنم .. أو اسكت عن شر تسلم .. و إلا فاعلم أنك ستندم " و قال صلى الله عليه و سلم : " …. من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت … " (رواه البخارى)

لذا ينبغى أن نتخير الكلمة الطية فى حديثنا .
فالكلمة الطيبة ثمرة نقطفها من القلب و نهديها لمن نحب فهى جواز المرور لكل قلب ، لأنها تغلق باب الكره و تفتح باب الود ، تسعد القلوب و تريح النفوس ، يحصل بها النفع و الخير ، و لأهميتها و عظمتها يقول الله تعالى : " أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء " (إبراهيم :24)

و مهما وصل الإنسان إلى أعلى المناصب فهو دائمًا يحتاج إلى من يدعمه و يُثنى عليه ؛ فالإنسان بطبعه يحب أن يكون مصدرًا للإعجاب أو العون و يحب الحصول على التقدير المعنوى من قبل الآخرين فالمادة ليست كل شئ ، و فى لحظات الفرح و الحزن يكون للكلمة الطيبة أثر عجيب فى النفوس ، و كلنا و بدون استثناء الكبير و الصغير ، الرجل و المرأة ، الغنى و الفقير كلنا نحتاج إليها فى هذه الأوقات ، و لك أن تتذكر موقف انتظرت فيه كلمة طيبة من شخص ما ، سواء كانت تهنئة ، دعم ، شكر ، ثناء ، مواساه ، و تخيل كيف كان إحساسك وقتها ، ألم تشعر بالسعادة من أجل هذه الكلمة حتى لو كانت بسيطة ؟

فتكفى كلمة جميلة رقيقة لا تؤذى النفوس و لا المشاعر ، جميلة اللفظ و المعنى نكون محتاجين إليها فتأتى و تطرب القلوب ، و حتى و إن كانت كلمات قليلة فى عددها فإنها ستكون عظيمة فى محتواها .

و من لانت كلمته وجبت محبته ، و من عذب لسانه كثر إخوانه ، لذلك يجب أن نحرص على تأصل الكلمة الطيبة فى نفوسنا ؛ لأنها تسعد قائلها و سامعها ؛ فهى كاللمسة الحانية على نفوس البشر ، و دواء يأتى لامتصاص الغضب و الحقد ؛ لخروجها من القلب و استقرارها فى قلب سامعها ، فهى تخاق جو يفيض بالألفة .

أما الكلمة الخبيثة فهى تربى التنافر و التباعد داخل النفس ، و تثير الغضب و الحقد و الكراهية بين الناس و لذلك فإن الشيطان يتخذها كوسيلة لنشر الفرقة و العداوة بين الناس ، و تكون هى شرارة الفتنة ؛ فقد تكسر الحجارة و العصى عظامنا .. لكن الكلمات السيئة تكسر قلوبنا ، و أخطأ من قال أن الكلمات تموت بمجرد أن تُقال ؛ فهى فى الحقيقة تبدأ الحياة منذ اللحظة التى قيلت فيها بل يصبح صاحبها أسيرًا لها بعد أن كانت أسيرة له .
و لسوء الكلمة الخبيثة التى تثير التشاحن يقول سبحانه و تعالى : " وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ " ( إبراهيم : 26)

و لك أن تقرأ هذه القصة :
منذ زمن بعيد كان هناك طفل مستواه الدراسى ضعيف فذهب إلى فبر أمه و قال تعالى يا أماه معى فإن المعلمة دائمًا تضربنى و أمام جميع التلاميذ تبكينى و تقول لى دائمًا : أمك امرأة مهملة فهى لا تهتم بك . !
فيا بن آدم زن كلامك قبل أن يقتل غيرك ، و لا تفعل مثل هذه المرأة التى بدأت فى إلقاء التهم على الطفل و أمه دون أن تحاول مساعدته أو معرفة ظروفه و التماس أى عذر له .

فأنت رائعة كلمة تجعل امرأة عادية تسير كالطاوس بين حشد من النساء ،
و أنت غبى كلمة قد تكسر همة طفل نبيه ، و تقفل أبواب عقله عن الاستيعاب ،
أنت ساذج كلمة قد تجعل إنسان طيب القلب إلى إنسان شرس قاسى القلب ،
و أنت قادر كلمة قد تحرض معاق على كسر كل حدود الاعاقة بما يعجز عنه الأصحاء .
فهى كلمة قد تشكل من أنت أو تغيرك إلى من ليس أنت ، فاختر كلماتك بدقة ؛ فبعض الكلمات تترك أثرًا طويل المدى .

و لكى تكون الكلمة الطيبة سلوك متأصل فينا ينبغى أن يفكر الشخص فى الكلمة قبل أن يقولها ، و أن يضع نفسه موضع المستمع ، و أن تكون الكلمة فى موضعها و وقتها المناسب ، و إياك أن تتكلم و أنت غاضب حتى لا تفسد الأمور و تندم بعد ذلك .

و إن لم تستطع فعل ذلك فى أى مرة فالأفضل أن تلتزم الصمت مادام الموضوع ليس مرتبط بإظهار حق أو دحض باطل .
و تذكر كلام عمر بن عبد العزيز فى هذا الصدد فقال : " من لم يعد كلامه من عمله كثرت خطاياه " .
و نصيحة لك لا تكثر من الكلام إلى حد الثرثرة فلنشاط السامعين نهاية ، و لكن لا تظل صامتًا دائمًا حتى لا ينفر الناس منك و كن وسطًا .
فيجب أن نحترم تأثير الكلمات و أن نختارها بعناية و تأكد أن استقامة اللسان منبع الحياة و من يصن لسانه فقد صان حياته .

و حب الآخرين و المشاعر المتدفقة الصادقة تقرب الناس منا ، و المدح الصادق الغير مبالغ فيه و الذى نمنحه لمن يستحق يبعث الدفء فى القلب ، و له وقع جميل على النفس ، و فى النهاية ستكون المتعة لصالح الجميع فلو ضاعت المحبة منا و الكلمة الطيبة لضعنا فى هذه الحياة ، و من أحبه الله حبب الناس فيه .

و دمتم فى رعاية الله

بقلم :
آية حسنى


@ moon light @ @ moon light @ فتكات متميزة Fatakat 323081 البيت – مصر

سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.