العقيدة الاسلامية
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات. من أسماء الله الحسنى: ( الجبَّار ): أيها الإخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم (الجبار). 1 – ورودُ اسم ( الجبَّار ) في القرآن والسنة: قد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في موضع واحد، وهو قوله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ ﴾( سورة الحشر الآية: 23 ) أيها الإخوة، وقد ورد في السنة، ففي صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ:(( يَأْخُذُ الْجَبَّارُ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضَهُ بِيَدِهِ، وَقَبَضَ بِيَدِهِ، فَجَعَلَ يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْجَبَّارُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ ؟… )) 2 – معنى اسم ( الجبَّار ): أيها الإخوة، من معاني هذا الاسم: المعنى الأول: ( الجبار ) هو صيغة مبالغة مِن جابر، جابر جبّار، كغافر غفّار، رازق رزّاق، صيغة مبالغة من جابر، وجابر الموصوف بالجبر، والجبر من جبر، يجبر، والجبر إصلاح الشيء بالقهر.
الله عز وجل جبَر الفقير أي أغناه، وجبر الخاسر أي عوّضه، وجبر المريض أي شفاه. المعنى الثاني: والجبار العالي على خلقه، والجبار الذي تنفذ مشيئته في خلقه، الله عز وجل لا غالب لأمره.﴿ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾( سورة الرعد الآية: 41 ) أحياناً يصدر حكم من محكمة الصلح الأولى، الذي حُكم عليه يستأنف، فيصدر حكم من محكمة الاستئناف، الذي حكم عليه يستأنف، في محكمة النقض، لا غالب لأمره. ﴿ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ (( ما شاءَ اللهُ كانَ، وما لم يشأْ لم يكن )) [ أخرجه أبو داود عن بعض بنات النبي عليه الصلاة والسلام ] أنت مع من ؟ أنت مع ( الجبار )، أنت مع الذي إرادته نافذة، أنت مع الغالب على أمره. ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾( سورة يوسف الآية: 21 ) ﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ ( سورة هود )
أنت كإنسان هل تستطيع أن تفعل كل إرادتك ؟ الله عز وجل: ﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ (( ما شاءَ اللهُ كانَ، وما لم يشأْ لم يكن )) قام خطيب أمام النبي عليه الصلاة والسلام فقال: ما شاء الله وشئت، فقال عليه الصلاة والسلام: بئس الخطيب أنت جعلتني لله ندا: (( ما شاءَ اللهُ كانَ، وما لم يشأْ لم يكن )) فإذا كنت مع ( الجبار )، فأنت القوي، إذا كنت مع ( الجبار ) فالمستقبل لك، إذا كنت مع ( الجبار ) فأنت المنتصر، إذا كنت مع ( الجبار ) تدور الأيام، ولا تستقر إلا على رفعة شأنك، لأن مشيئة الله نافذة في كل خلقه، ولا تنفذ فيه مشيئة أحد، يُجبر كل أحد، ولا يُجبره أحد.
المعنى الثالث: و( الجبار ) هو الجبروت، كمالك الملك والملكوت، يقول عليه الصلاة والسلام: (( سبحان ذي الجبروت والملكوت، والكبرياء، والعظمة )) [أخرجه أبو داود والنسائي عن وف بن مالك ] 3 – اسم ( الجبَّار ) من أسماء التعظيم والتنزيه: اسم ( الجبار ) أيها الإخوة، من أسماء التعظيم، هناك اسم ذات، وهناك اسم صفة، وهناك اسم فعل، وهناك اسم تنزيه، وهناك اسم تعظيم، ( الجبار ) من أسماء التعظيم. (( الكبْرِياءُ ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما قذَفْتُهُ في النار )) [ أخرجه مسلم وأبو داود عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة ]
لكن أحياناً لله عز وجل في خلقه امتحانات صعبة، من هذه الامتحانات أنه يقوي أعداءه، فيفعلون ما يقولون، فيتوهم ضعيف الإيمان أنهم آلهة، فينبطحون أمامهم، والحقيقة أن الله لا يسمح لأحد أن يأخذ اسم ( الجبار )، ولا اسم القهار، ولا اسم العزيز، لا بد من أن يقصمه الله، ولهذا قال الله عز وجل : ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾ ( سورة الأعراف الآية: 34 ) كيف أن للرجال أعماراً وللأمم أعماراً، فأية أمة طغت، وبغت، وتجبرت لا بد من أن يقصمها الله في وقت ما.
أيها الإخوة، اسم ( الجبار ) من أسماء التعظيم، وهو في حق الله من كماله، من دلائل عظمته، من قوته، لكن لو قلنا: فلان جبار، فهذا اسم نقص، وصفة نقص في الإنسان، يقول الله عز وجل: ﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ﴾( سورة غافر الآية: 35 ) لأن العبد عبد، والرب رب، العبد من شأنه الافتقار، حتى الأنبياء قمم البشر كانوا: ﴿ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾( سورة الفرقان الآية: 20 ) هم مفتقرون في وجودهم إلى إمداد الله لهم، بل مفتقرون في تأمين طعامهم إلى المشي في الأسواق، إذاً هم عبيد، وعباد، لكن الله سبحانه وتعالى هو رب العباد، والعبيد شيء، والرب شيء آخر.
معنى ( الجبَّار ) عند الجبرية من أفسدِ المعاني : أيها الإخوة، إلا أن ( الجبار ) عند فئة الجبرية، وهي فئة عقيدتها فاسدة، تتصور أو تتوهم أن الله يجبر عباده على أفعالهم، وأن الإنسان كريشة في مهب الريح. ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إيّاك إياك أن تبتل بالماء هذه العقيدة تتناقض مع كمال الله، فكيف يجبر الله عبداً من عباده على معصية ثم يحاسبه عليها ؟ هذه عقيدة أهل الشرك، قال تعالى: ﴿ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ ﴾ ( سورة الأنعام ) الإنسان مخيَّرٌ:
فلو ألغينا حرية الاختيار في الإنسان لألغينا الثواب والعقاب، ألغينا الجنة والنار، ألغينا حمل الأمانة، ألغينا التكليف، ألغينا كل شيء. ﴿ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ ( سورة الكهف الآية، 29 ) ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ﴾ ( سورة الإنسان ) ﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 148 ) أيها الإخوة ….﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ ( سورة البقرة الآية: 256 ) أصل التكليف أنك مخير، ولو أن الله أجبر عباده على الطاعة لبطل الثواب ، ولو أجبرهم على المعصية لبطل العقاب، ولو تركهم هملاً لكان عجز في القدرة، إن الله أمر عباده تخييراً، ونهاهم تحذيراً، وكلف يسيراً، ولم يكلف عسيراً، وأعطى على القليل كثيراً.
تروي الروايات أن شارب خمر جيء به إلى سيدنا عمر بن الخطاب، فقال: << أقيموا عليه الحد، فقال هذا العاصي: يا أمير المؤمنين، إن الله قدر عليّ ذلك، فقال: أقيموا عليه الحد مرتين، مرة لأنه شرب الخمر، ومرة لأنه افترى على الله، قال: ويحك يا هذا إن قضاء الله لن يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار >>، أنت مخير.
إذاً: عقيدة الجبرية، وهي فئة زاغت عقيدتها، وتوهمت أن الله يجبر عباده على أفعالهم، ثم يحاسبهم عليها، وهذا شيء لا يُقبَل في حق إنسان. المعنى الرابع: أيها الإخوة، لو دخلنا في التفاصيل ( الجبار ) العالي، الذي لا يُنَال جانبه، ولا تستطيع أن تغلبه، العالي الذي لا ينال، في المعاجم نقول: نخلة جبارة أي لا يستطيع الإنسان قطف ثمارها، ونقول: ناقة جبارة أي يصعب ركوبها، المعنى الدقيق التفصيلي العالي الذي لا ينال، في القرآن الكريم: ﴿ إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ ﴾( سورة المائدة الآية: 22 ) أي أقوياء لا يهزمون، إنسان جبار هذه صفة ذم فيه، الله جبار هذه صفة مدح ، إنسان جبار أي متعاظم، يتصنع العظمة، متكبر، لا ينقاد إلى أحد، أما الله الجبار فلا تناله الأفكار، ولا تحيط به الأبصار، ولا يصل إلى كنهه عقل من العقول، إذاً: هو من أسماء التعظيم، ومن أسماء التنزيه معاً.
4 – المؤمن قوي عزيز لأنه مع ( الجبَّار ):
الإنسان بفطرته يحب أن يكون مع القوي، القوة تجذب، القوة تلفت النظر الإنسان يرمقون بأعينهم القوي، فالمؤمن أحد أسباب قوته أنه معتز بالقوي، أحد أسباب قوته أن كل مَن حوله، ومَن فوقه، ومَن تحته بيد الله، وأنه مع الله، وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ وسبب قوة المؤمن أنه متوكل على الله، إذا أردت أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله، وسبب قوة المؤمن أنه لا يخضع، ولا ينبطح، ولا يستكين ولا يذل، لأنه مع القوي. ﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ ( سورة هود ) ما أحوج المسلمين اليوم إلى هذه المعاني، أي يعتزوا بربهم، أن يصطلحوا معه أن يستقيموا على أمره، أن يقبلوا عليه، عندئذٍ يصغر عدوهم في نظرهم، وعندئذٍ لا يخيب الله أملهم. (( أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء )) [أخرجه الطبراني عن واثلة بن الأسقع ] ﴿ قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ ( سورة طه ) ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ ( سورة الشعراء ) إخواننا الكرام، قصص ثلاثة، الأمل النجاة فيها صفر: 1 ـ قصة فرعون وموسى وأصحابه: فرعون بقوته، ببأسه، وجبروته، بحقده، بأسلحته، بغدره، بقسوة قلبه، وراء شرذمة قليلة أمامها البحر، وفرعون من وراءها: ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ كان مع ( الجبار )، والجبار هو القهار. 2 ـ قصة سيدنا يونس في بطن الحوت: سيدنا يونس في بطن الحوت، في ظلمة بطن الحوت، وفي ظلمة البحر، وفي ظلمة الليل: ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾( سورة الأنبياء ) 3 ـ قصة سيدنا يوسف في الجبِّ: سيدنا يوسف، وضع في الجب ليموت، فصار عزيز مصر. ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ ( سورة يوسف ) المعنى الخامس: أيها الإخوة، ( الجبار ) بالمعنى الآخر المصلح للأمور، العظم إذا كُسر يُجبَر، أي أن يلتئم العظم، هذا من جبر العظم، الله عز وجل يصلح أمور عباده، يرأب الصدع، ويلم الشمل، ويغني الفقير، ويجبر الكسير، ويعطي المحروم، ويرفع الذليل، ماذا يقول التاجر بعد أن يشتري البضاعة ؟ يقول: يا جبار.
معنى ( الجبار ) محبَّب للنفس، الله جبار المظلوم، جبار الفقير، جبار المريض، جبار المحروم، جبار من يعاني من مشكلة، دققوا: (( إذا كان الثلث الأخير نزل ربكم إلى السماء الدنيا ـ قبل الفجر ـ فيقول: هل من سائل فأعطيه ؟ هل من طالب حاجة فأقضيها له ؟ هل من مستغفر فأغفر له ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ حتى ينفجر الفجر )) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ نَزَلَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ )) [ مسلم ] لأنه جبار، بالتعبير الشائع جبار الخواطر، وما عُبد الله في الأرض بأعظم من جبر الخواطر.
المعنى السادس: أيها الإخوة، والمعنى الآخر ذكرناه من معاني ( الجبار ) الذي ذكرناه: أجبره أي أكرهه على ما أراد، أنت تريد، وأنا أريد، والله يفعل ما يريد. (( عبدي أنا أريد، وأنت تريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد )) فرعون ماذا قال ؟ قال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ ( سورة النازعات ) وقال: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾( سورة القصص الآية: 38 ) وفرعون تروي بعض الروايات أنه رأى في المنام أن طفلاً من بني إسرائيل سيقضي على ملكه، القضية سهلة جداً، أمر بذبح أبناء بني إسرائيل، من دون استثناء ، وأية مولِّدة لا تخبر عن مولود ذكر تُقتل مكانه، لكن الله جبار، فهذا الطفل الذي سيقضي على ملكه رباه في قصره. قوم إبراهيم وضعوه في النار. ﴿ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾( سورة الأنبياء ) النبي في الغار، يا رسول الله لقد رأونا، قال: يا أبا بكر ما ظنك في اثنين الله ثالثهما !. مرة في أحد الطغاة في أوربا الشرقية، ألقى خطاب، قال: هذا الصفصاف إذا حمل الأجاص فأنا سأتنحى عن منصبي، فتنحى عن منصبه، ووضع بعض أفراد شعبه الأجاص على شجر الصفصاف، الله جبار، لا يتجبر على خلق الله إلا أحمق وغبي. ﴿ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ﴾ ( سورة البروج ) هناك قصة رمزية: أن إنسانا يجلس مع زوجته ويأكل الدجاج، طُرق الباب، فإذا بسائل، همت الزوجة أن تعطيه من هذا الطعام ليأكله، فنهرها زوجها، ووبخها، وقال: اطرديه، فطردته، ساءت العلاقة بينها وبينه إلى أن طلقها، ثم جاء من يخطبها، والقصة مؤثرة جداً، هي جالسة مع الزوج الثاني تأكل الدجاج، طُرق الباب، ذهبت لتفتح، فإذا بسائل، فلما رأته اضطربت، قال: من الطارق ؟ قالت: سائل، قال: من ؟ قالت: زوجي الأول، قال: أتدرين من أنا ؟ أنا السائل الأول، الله جبار، إياك أن تقول كلمة كبيرة. المعنى السابع: أيها الإخوة، ( الجبار ) من لا يرقى إليه وهم، كيفما تصورت الله فهو بخلاف ذلك، كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك، هو جبار لا يرقى إليه وهم. الكيان الشرقي الذي رفع شعار ( لا إله )، وبقي سبعين عاماً يبث هذه العقيدة في الأرض، ويملك من القنابل النووية ما تكفي لتدمير الأرض، كيف تداعى من الداخل ؟ بلا حرب، وبلا أي شيء، الله جبار، الله عز وجل يقصم الجبابرة. (( أنا الله لا إله إلا أنا مالك الملوك وملك الملوك ))[أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء ] هو من لا يرقى إليه وهم، ولا يشرف عليه فهم، ولا يلحقه إدراك، ينفذ أمره في كل شيء، ولا ينفذ فيه أمره شيء.
( الجبار ) مَن أصلح الأشياء بلا اعوجاج، وأمر بالطاعة بلا احتياج.
(( لو أنَّ أوَّلَكم، وآخرَكم وإنْسَكم وجِنَّكم، كانوا على أتْقَى قلب رجل واحدِ منكم، ما زاد ذلك في مُلْكي شيئاً، يا عبادي، لو أنَّ أوَّلَكم وآخرَكم، وإنسَكم وجِنَّكم كانوا على أفجرِ قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي، لو أنَّ أوَّلكم وآخرَكم، وإنسَكم وجِنَّكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني، فأعطيتُ كُلَّ إنسان مسألتَهُ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما يَنْقُص المِخْيَطُ إذا أُدِخلَ البحرَ، يا عبادي، إنما هي أعمالُكم أُحصيها لكم، ثم أُوفّيكم إيَّاها، فمن وَجَدَ خيراً فليَحْمَدِ الله، ومن وجد غير ذلك فلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ )) [أخرجه مسلم والترمذي عن أبي ذر الغفاري ] إمّا أن تكون مع ( الجبّار ) أو تكون من الجبّارين في الأرض: أيها الإخوة الكرام، لا زلنا في اسم ( الجبار )، والحقيقة الدقيقة والخطيرة: إما أن تكون مع الجبار الأعلى، مطيعاً، متذللاً، مفتقراً، محباً، فتستمد منه القوة، وتكون عزيزاً، ويكون خطك البياني في صعود مستمر، وإما أن يكون الإنسان من جبابرة الأرض بالباطل، لذلك يقصمه الجبار الأعلى، وترون وتسمعون كل حين كيف أن الله سبحانه وتعالى يقصم أحد جبابرة الأرض.
أيها الإخوة، في الحديث الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (( الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ ))[أخرجه أبو داود وابن ماجه ] لا يسمح الله لجهة في الأرض أن تتأله، يسمح لها إلى حين، ثم يقصمها، لأن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾( سورة الأعراف الآية: 34 )
يتبع،،،،
المتنافسة فى طاعة الله المتنافسة فى طاعة الله ملكة فتكات Fatakat 103287 اسكندرية – مصر