نداءات الرحمن لأهل الإيمان
تسعون نداءا من رب العالمين إلى عباده المؤمنين بصيغةيأ أيها الذين ءامنوا
تفريغ لكتاب لفضيلة الشيخ:أبو بكر الجزائرى
النداء الثالث
فى أكل الحلال وشكــــر الله على ذلك
الآية 172 من سورة البقرة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
يَا أَيُّها الذينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ واشْكُروا لِلَّهِ إنْ كُنْتُم إِيِّاهُ تَعْبُدُون
الشرح
لا تنسَ أيها القارىء الكريم سر نداء الله تعالى لعباده المؤمنين بوصف الإيمان،وهو أنهم بإيمانهم الحق أحياء يسمعون ويعقلون ويقدرون على الفعل والترك،واذكر أن الله تعالى ما ناداهم إلا ليأمرهم بما هو خير لهم،أو ينهاهم عما هو شر لهم،إذ بفعل المأمور وترك المنهى تتحق تقوى الله عز وجل،وباإيمان والتقوى تكون ولاية الله للعبد.واسمع إلى ما قال الل تعالى فى ذلك:(أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ*لَهُمُ البُشْرَى فِى الْحَيَاةِ الْدُّنْيَا وَفِى الْآخِرَةِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيْمُ
لذا يجب على المؤمنين إذا سمعوا نداء الله تعالى لهم أن يسمعوا ويصغوا لأنه ناداهم ليأمرهم أو ينهاهم،فإذا فعلوا المأمور وتركوا المنهى إيمانا واحتسابا تحققت لهم ولاية الله ففازوا بذهاب الخوف والحزن عنهم فى الدنيا والآخرة وهم فى الغرفات آمنون.
هل تدرى أيها القارىء أن الله تعالى نادى المؤمنين فى هذا النداء الثالث من سورة البقرة ناداهم ليأمرهم بالأكل من الطيبات مما رزقهم من أنواع المطاعم والمشارب للحفاظ على حياتهم،إذ البنية البشرية استمرار حياتها وصلاحيتها متوقف على الغذاء والماء والهواء،فالأمر هنا دال على الوجوب،إلا أن قوله "مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ"يشير إلى أنه لما حرم المشركون على أنفسهم أنواعا من اللحوم كلحم السائبة والوصيلة والحام والبحيرة وأنكر الله عليهم ذلك،وأمر المؤمنين بالأكل من الطيبات وهى كل ما أحله الله تعالى من اللحوم وغيرها.
وأمرهم عز وجل بشكره على نعمه التى أنعم بها عليهم من أنواع الطيبات من الرزق الحلال،والشكر يكون بالاعتراف بالنعمة وحمد المنعم عليهل وصرفها فيما أذن أن تصرف فيه،وذلك كنعمة العلم والمـــــال والبدن،فشكر نعمة العلم العمــــل به وتعليمه للناس،وشكر نعمة المال أن يُصرف فى طاعة الله لا فى معصيته،وشكر نعمة البدن أن يُسخر فى عبادة الله وفعل الصالحات والمسابقة فى الخيرات.
وأخيرا أيها القارىء الكريم والمستمع المستفيد،إن الأمر بالأكل من الطيبات دال على أن الأكل من المحرمات لا يجوز،والمحرمات قد بينها الله تعالى بقولهحُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِوبقوله تعالى"وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ"،وكالأكل الشرب،فالخمر محرمة بقول الله تعالى"فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونْ"أى من شرب الخمر،ومال الميسر والأنصاب والأزلام،ومن ذلك مال الربا قل أو كثر،ولنستمع إلى قول رسول اللهيقول محذرا ومعلما ومنبها:"يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا"،وأن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال:يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الْطَّيِّبَاتِ واعْمَلُوا صَالِحَا إنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ.وقال:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى بالحرام فأنى يستجاب لذلك"
أرأيت أيها القارىء والمستمع كيف يحرم أكل الحرام استجابة الدعاء،ومن لم يستجب الله دعاءه هلك ورب الكعبة.
فالحذر الحذر أيها المؤمن من أكل الحرام وشربه ولباسه والاستمتاع به،واكتفِ بما أحل الله تعالى لك عما حرم عليك،فإنك عبده وتعبده،فكيف يصح إذًا أن تأكل ما حرم عليك وأنت عبده وعابده،وقد قال تعالى:يَا أَيُّها الذينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ واشْكُروا لِلَّهِ إنْ كُنْتُم إِيِّاهُ تَعْبُدُون.
أما من لا يعبد الله فأكله الحرام وتركه سواء إذ ما بعد الكفر ذنب كما قيل،وهو كذلك.
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
اللهم اجعل هذا العمل خالصا لوجهك الكريم واجعله فى ميزان حسناتى وحسنات والدىَّ وكل من له فضل على اللهم آمين
©نداءات الرحمن لأهل الإيمان©النداء الأول©متجدد باذن الله©
©نداءات الرحمن لأهل الإيمان©النداء الثانى©متجدد باذن الله©
مشتاقة لقيام الليل مشتاقة لقيام الليل 639803_38.gif فتكات ست الكل Fatakat 639803 مدينة الحب والسلام والهدوء – دار الفناء