♥♥ على قدرها تكونى قائدة ♥♥ 2024.

اللذة علي قدر الهمة

لذة كل أحد علي حسب قدره وهمته وشرف نفسه ، فأشرف الناس نفساً وأعلاهم همة وأرفعهم قدراً من لذته في معرفة الله ومحبته والشوق إلي لقائه والتودد إليه بما يحبه ويرضاه . فلذته في إقباله عليه ، وعكوف همته عليه ، ودون ذلك مراتب لا يحصيها إلا الله ، حتي تنتهي إلي من لذته في أخس الأشياء من القاذورات والفواحش في كل شيء من الكلام والفعال والأشغال .

فلو عرض عليه ما يلتذ به الأول لم تسمح نفسه بقبوله ولا التفتت إليه ، وربما تألمت من ذلك ، كما أن الأول إذا عرض عليه ما يلتذ به هذا لم تسمح نفسه به ، ولم يلتفت إليه ، ونفرت نفسه منه .

وأكمل الناس لذة من جمع له بين لذة القلب والروح ولذة البدن ، فهو يتناول لذاته المباحة علي وجه لا ينقص حظه من الآخرة ، ولا يقطع لذة المعرفة والمحبة والأنس بربه . فهذا ممن قال تعالي فيه {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" آيه (33)}

وأبخسهم حظاً من اللذة من تناولها علي وجه يحول بينه وبين لذات الآخرة فيكون ممن يقال لهم يوم استيفاء اللذات : أذْهبتُم طيباتِكُم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها (20)}. الأحقاف

فهؤلاء تمتعوا بالطيبات وأولئك تمتعوا بالطيبات ، وافترقوا في وجه التمتع ، فاؤلئك تمتعوا بها علي الوجه الذي إذن لهم فيه ، فجمع لهم بين لذة الدنيا والآخرة ، وهؤلاء تمتعوا بها علي الوجه الذي دعاهم إليه الهوي والشهوة ، وسواء أذن لهم فيه أم لا ،فانقطعت عنهم لذة الدنيا وفاتتهم لذة الآخرة ، فلا لذة الدنيا دامت لهم ، ولا لذة الآخرة حصلت لهم .

فمن أحب اللذة وداومها والعيش الطيب ، فاليجعل لذة الدنيا موصلاً له إلي لذة الآخرة ، بأن يستعين بها علي فراغ قلبه لله في إرادته وعبادته ، فيتناولها بحكم الاستعانة والقوة علي طلبه ، لا بحكم مجرد الشهوة والهوي . وإن كان ممن رويت عنه لذات الدنيا وطيباتها، فليجعل ما نقص منها زيادة في لذة الآخرة ، ويجم (يريح) نفسه هاهنا بالترك ليستوفيها كاملة هناك .
فطيبات الدنيا ولذاتها نعم العون لمن صح طلبه لله والدار الآخره وكانت همته لما هناك ، وبئس القاطع لمن كانت هي مقصوده وهمته ، وحولها يدندن ، وفواتها في الدنيا نعم لطالب الله والدار الآخرة، وبئس القاطع النازع من الله والدار الآخرة . فمن أخذ منافع الدنيا علي وجه لا ينقص حظه من الآخرة ظفر بهما جميعاً وإلا خسرهما جميعاً .

اسأل الله لي ولكم ان يجعلنا ممن أخذ منافع الدنيا علي وجه لا ينقص حظه من الآخرة فظفر بهما جميعاً

المصدر كتاب الفوائد ل بن قيم الجوزية
منقول

بحب السجود بحب السجود 293312_63.gif يارب استجب وحقق فيك رجائى Fatakat 293312 فى أرض الله – مصر

سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.