حكايتي بدأت أول فصولها يوم ظهور نتيجة الثانوية العامة ……كان لازم أختار كلية حسب المجموع و في نفس الوقت متكونش بعيدة عن منطقة سكني وفي نفس الوقت كلية وقسم أكون بحبها واشيفة إني أقدر أكمل فيها وتكون هي تخصصي ومجالي باختياري……..
ايه رأيكم ! معادلة صعبة مش كدا ؟؟
في الحقيقة هي ولا صعبة ولا حاجة ……لإني اللي حصل معايا مكانش بنفس المعادلة اللي حطاها في مخي دي خااالص …..
الحقيقة اني حصل عكس كل توقعاتي وكل اللي كنت مرتبة نفسي ليه… يعني كنت مثلا عاوزة كلية قريبة من البيت جات لي في آخر الصعيد ….كنت عاوزة فسم لغة عربية ودخلت قسم علم نفس …كنت عاوزة جامعة كويسة زي القاهرة او عين شمس ..دخلت جامعة جنوب الوادي!!
عاوزين تعرفوا بقى إزاي ربنا سبحانة وتعالى بيختار ليكي الأحسن و تفهموا معنى الآية :بسم الله الرحمن الرحيم
(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) صدق الله العظيم
شوفوا قصتي واحكموا انتوا …الأحسن اللي كنت عاوزاه انا لنفسي ..والا الأحسن اللي ربنا كان كاتبة لي..
في البيت كان عندي ظروف أسرية متشجعش على الاستمرار في التعليم ..والثانوية العامة أخدتها بطلووع الروح ..كنت بذاكر فوق السطوح حتى في عز الشتاء …. وشوية عند جدتي ..وشوية عند عمي ….يعني في كل بيت شوية لحد ما خلصت الثانوية العامة بمجموع 85 % أدبي ..وقتها يعتبر مجموع كويس قوي يدخلني كليات مثل الآداب ، والتجارة ، و الآثار ….
وكان لازم أقرر قرار مصيري ..هادخل اي كلية وفين واي قسم ..أخترت وقتها إني أدخل كلية الآداب …وكان لازم أختار الجامعة تكون بعيييدة عن منطقة سكني عشان يبقى فية فرصة أبعد عن البيت وأعيش في السكن الجامعي وأكمل دراستي …..فاخترت جامعة جنوب الوادي اللي كانت تقبل من 70 % في الوقت اللي كانت جامعة القاهرة تقبلني بمجموعي و مفيش نص ساعة بين الجامعة وبين البيت ……
سافرت و اتغربت واتحملت اللي مايستحملوش إنسان عشان بس أتعلم …ولأن ظروف البيت مكانتش مناسبة ..اضطريت إني اتغرب وأذوق معنى الحرمان …
قدمت في الجامعة كان لازم أختار القسم …جيت أقدم على قسم لغة عربية لإنها كانت المادة الوحيدة اللي باعشقها وجبت فيها أقل من الدرجة النهائية ب 3 درجات فقط …وعلى شباك التقديمات لاقيت كل اللي بيقدموا بينصحوني أبعد عن قسم اللغة العربية قالوا لي صعب وفية بلاغة وفية نحو صعب مش هتقدري علية …مش عارفة لية في لحظة غيرت رأيي ورجعت مع والدتي و قعدت افكر في قسم ثاني بس مقدرتش أختار …..فاخترت قسم علم نفس كدا عشوائيا وقلت قسم لذيذ وكفاية اني هتسفيد منه اني أغوص في أعماق النفس البشرية وأفهم نفسيات الناس وتصرفاتهم ودوافعهم ودا هيفيدني في حياتي العملية وكمان هو قسم من الأقسام الطبية برضوا لإن فيه اكلينيكي ودراسة للأمراض النفسية والعصبية ……فتوكلت على الله واخترتة ……مع اني آخر حاجة كنت أفكر فيها اني اتخصص في علم النفس لإني مكنتش بحب المادة دي ابداااااااا في الثانوي..
وفي السكن الجامعي أنا شفت العجب …بنات جايبين بدل رقص و بنات بتسرق بعض وبيواعدوا شباب ومخدرات وووووو بلاش أكمل ..بس طبعا مش كل البنات كدا ..لا كان فية بنات محترمة ومقدرة غربتها ومتحملة المسئولية بعيد عن أهلها ولا أرجل راجل وكمان بينجحوا بتقديرات كويسة ….بس الغالبية كانت من النوع الأول …
دا غير إن جو السكن الجامعي مش مناسب أبدا للمذاكرة ..يعني مثلا انا فاكرة لحد دلوقتي اللي كانوا معايا في الغرفة يتكلموا ويلعبوا ويضحكوا لحد آخر شهر في الدراسة وبعدين يبصوا يلاقوا الوقت زنق ومفيش وقت للمذاكرة
فاكرة إزاي كنت باحط قطن في وداني من صوتهم عشان أركز لو ساعة واحده في اليوم وأذاكر فيها …..كنت أقعد في عز البرد في البلكونة عشان أبعد عن صوتهم شوية وأبص ألاقي البنات اللي فوقينا في السكن حاطين المسجل ومشغلين الأغاني دي جي على الآخر ….وفاكرة اني ساعات كنت أهرب من كل دا وأطلع لغرفة المسجد اللي بالسكن وكانت مليانة تراب والسجاد فيه نمش وحشرات تخليكي عاوزة تهرشي في جسمك كل ثانية ……والا قعدتي في حوش السكن تحت لمبة ضوئها خافت يادوب شايفة سطور الكتاب …كل دا عشان الاقي مكان أذاكر فية ويكون فية هدوء وأقدر أركز ……
ومش قادرة اقول لكم قد اية كان الحقد والحسد من الطالبات اللي معايا بغرفة السكن يوم كانت تقديراتي ترتفع عن تقديراتهم ..كنت انسحب من الغرفة بهدوء وفي الخفاء عشان أذاكر وميحسوش بيا ..كنت بجيب كتب من واحده قريبتي في نفس قسمي وأقعد اذاكر فيها لحد ما اشتري كتب الجامعة عشان اذاكر من أول السنة ..واحده من زيملاتي اللي بالغرفة طلبت مني الكتب ونسيت وقتها لاني سافرت لأهلي في الجيزة ..وقتها قالت لي بالحرف الواحد " إنتي سوسة ومش عاوزة حد يجيب تقديرك عشان كدا مش راضية تدينا الكتب نذاكر منها … شفتوا الظلم والحقد … رغم انها عارفة ظروفي وعارفة اني سافرت ومش جريمة اني نسيت…
حسيت نفسي مش قادرة استقر في المدينة الجامعية أكتر من كدا ….ونفسيتي تعبت من اللي معايا بالغرفة وتصرفاتهم وحقدهم وحسدهم …….
كان عندي خالي ساكن في قرية بينها وبين الجامعة سفر ساعة بالميكروباص …قررت اني اكمل هناك باقي أيام الدراسة لحد الامتحانات …..
خالي أسرتة كبيرة و حالة أقل من المتوسط ..كنت بنام أنا وبنات خالي 3 على سرير واحد ونسحب من بعض الغطا في الشتا ، وكنت باكل نص أكلة ..يعني مش باشبع يدوب لقمتين وأقوم …بس كانوا بيحبوني وبنات خالي أكتر من أخواتي وفيهم واحده باعتبرها الصديقة والأخت اللي طلعت بيها من الدنيا مش خسرانة ….وخالي كان بيحبني وبيحب يشجعني لأنه بيحب الناس المكافحة واللي بتحب تتعلم …كنت عايشة أسعد أيام حياتي في بيت خالي رغم اني أحيانا كانت بتحصل مواقف من مرات خالي صعبة …..زي مرة أخدت من عليا الغطا وانا نايمة وغطت بية إبنها رغم إنه كان متغطي ..وكنا في عز الشتا ….و يومها حسيت بيها وكنت بابكي بصوت مكتوم عشان محدش يحس بيا ….كنت باتحمل أدخل في حمام مشترك وانتظر دوري وأذاكر على لمبة السلم في عز البرد لإني بحب أسهر وأذاكر خصوصا ايام الامتحانات وهم بيناموا بدري عشان الشغل وبيطفوا النور ….
عارفين بقى في السنة دي ..ورغم كل الظروف دي ..ورغم اني كنت بسافر رايح جاي من القرية للجامعة ..في النسة دي الحمد لله مكنتش بسيب فروض ربنا من صلاه ..وقرآن كنت بخصص له نص ساعة قبل نومي ..وكنت بحس ربنا معايا في كل حاجة وبيسهلها لي ……وتخيلوا السنة دي برغم كل البهدلة والعذااااااااب اللي شفتة طلعت الأولى على دفعتي ؟؟؟؟
وبعد العذاب والحرمان لأول مره أذوق طعم السعادة … البنات زمايلي اللي كانوا بيحقدوا عليا بقوا نفسهم بس إني أمشي جنبهم وكانوا بيقولوا لصحابهم وكل اللي يشوفوه في الجامعة ويشاوروا عليا اني صاحبتهم واني الأولى على دفعتي واني ان شاء الله هكون معيدة بالجامعة…وخصوصا اللي ظلمتني وقالت " إنتي سوسة ومش عاوزة حد يجيب تقديرك عشان كدا مش راضية تدينا الكتب نذاكر منها"
قلت سبحااانك يااارب .. و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب و من يتوكل على الله فهو حسبه……
متفكروش ان الحكاية خلصت لحد كدا !!!
بعدها بسنة واحده كنت في سنة ثالثة جامعة و حصلت لي ظروف مرضية ومرحتش الامتحانات وعملت عذر مرضي ( ودا ليه قصة لوحده بتدل على إن ربنا حقق معايا معجزة لما قبلوا عذري المرضي لإني لما قدمت العذر كنت خلاص شفيت تماما وكان مستحييييل يقبلوا عذري وقتها ) و عِدت السنة …
ايوه عِدت السنة برغم ان الكل كان يتوقع لي اني اكون معيدة بالجامعة …ودخلت على دفعة جديدة معرفش عنها حاجة و كنت خايفة انهم يعتبروني عايدة السنة وأكون منبوذة وسطهم و ميحبونيش وخصوصا إنهم كانوا خلاص كل واحد عارف شلّتة ومش بسهولة أعمل صداقات معاهم …لكن سبحان الله مع الوقت هم من نفسهم بقوا يصاحبوني لاني كنت بتناقش مع الدكاترة و ظاهر لهم اني شاطرة …..دا غير موقف حصل لي غرررررررريب خلاني أحب ربنا قووووووووووووووووووووووووووووووووووي وأحس أن برغم كل الأزمات ربنا معايا وبيساعدني::
الموقف دا إني في أول السنة جات واحده من الدفعة القديمة بتاعتي " اللي كنت معاهم في سنة ثانية " وقالت للبنت اللي طالعة الأولى على الدفعة الجديدة اللي انا فيها .. قالت لها " خلي بالك من إيمان لأنها طالعة الأولى على دفعتنا السنة اللي فاتت " طبعا هي قالت لها كدا عشان تنافسني و تخلي بالها .. لكن الموقف دا جه بالعكس تماما ان البنات بقت تعرفني وعرفوا اني كنت من اوائل الدفعة السابقة عليهم وبقوا يصاحبوني ويحبوني أكثر لما بنات الدفعة القديمة كانوا يمدحوني بأخلاقي و بتفوقي …..
كل دا كان بيحصل من ورايا …..يعني البنات بتتكلم مع بعض وفي الآخر وصلني كلامهم دا …..طبعا فرحت قوي اني فيه بنات من دفعتي القديمة كانوا بيحبوني ومدحوا أخلاقي و فرحت أكثر اني كنت مؤثرة فيهم لدرجة انهم هم اللي عرفوا الدفعة الجديدة عليا …..وشئ جميل انك تسمعي حد قال عنك كلمة كويسة وانتي اصلا متعرفيش مين الشخص دا بالضبط و كمان ملهوش مصلحة معاكي عشان يقول عليكي الكلمة الكويسة دي…
عرفت وقتها ان الاخلاق والتوكل على الله أهم الأسباب اللي تخلي الناس تحبك وتفتكرك حتى لو بعدتي عنهم…
وكملت دراستي في دفعتي الجديدة الجميلة وكانوا نعم الزملاء مفيش بيننا حقد ولا حسد زي بعض بنات الدفعة القديمة بيحبوا لي الخير وبحب لهم كل خير …وعرفت معنى الآية : "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم" ….للمره الثانية في حياتي أعرف قد اية ربنا بيكتب للإنسان الحاجة اللي فيها الخير لية ..حتى اذا كانت رغباتنا عكس إرادة الله ..فإرادة الله وحكمة أفضل وأحسن للإنسان …….يعني رغم إني عِدت السنة ومحققتش طموحي في اني اكون معيدة نتيجة ظروف مرضي …إلا إني ربنا حب يخلصني من حقد وحسد بعض الدفعة القديمة …دا غير إني اتعرفت في الدفعة الجديدة على دكاترة حببوني بعد كدا في اني اكمل دراستي الماجستير والدكتوراه ..وحببوني في البحث العلمي و كانوا نِعم القدوة …
انا دلوقتي متخرجة من أحب جامعة إلى قلبي " جامعة جنوب الوادي" ..وأحلى قسم " علم النفس" وبحضر الماجستير في جامعة " عين شمس "
وكل مافتكر قد اية ربنا كان كريم وبيسترها معايا وبيحفظني لما أرجع لوحدي من سفري للجامعة متأخر في طريقي من الجامعة للقرية اللي فيها بيت خالي …. كنت بتأخر لإني كنت بحب مكتبة الجامعة وباعشق كتبها وبانسى نفسي فيها كل يوم بعد المحاضرات لحد الساعة 8 بالليل …..على فكرة قصتي دي تعتبر مختصره جدا بالنسبة للمواقف و التفاصيل اللي عشتها بالثانية واليوم والساعة فاكراها..وقد ايه كانت أيام لذيذة وممتعة رغم صعوبتها
اتحملت الجوع والحرمان من أبسط مطالب الحياة ..حتى الحمام كنت بادخلة بصعوبة وبالدور …استحملت المذاكرة في عز الشتاء على السلالم وعلى ضوء خافت ..استحملت كل ظروف الغربة الصعبة عشان أتعلم ولسة باتعلم وإذا ربنا عطاني عمر هافضل أتعلم …..ولو ان التعليم في بلادنا أصبح مثل ملك مهزوم في وطنة .."لكن العلم نور ولو عدينا بحور و شقّينا صخور "
أتمنى دعواتكم و أتمنى من كل طالبة جامعية تقرا تجربتي وتصدق ويكون عندها إيماااان كامل ..
إن الأمل ..وحسن الظن بالله ..مع العمل والمثابرة والصبر ..ممكن يحققوا المعجزات
شوفوا انا اتبهدلت إزاي من مكان لمكان سواء في الثانوي أو الجامعة ……! وقدرت أتحمل وأكمل رغم إنها كانت ظروف مستحيلة
مش عاوزة اقول لكم اني كنت أحيانا بذاكر في عشة الفراخ عشان بس تداريني حيطانها من برد السطوح لما كنت أذاكر فوق السطوح ……..وكم مره كان هتحصلي حادثة وانا مسافرة للجامعة ..وكم عربية شفتها ملطخة بالدماء ومقلوبة على نفس طريقي للجامعة ….
خلوا عندكم أمل وقناعة تامة إنكم هتوصلوا …وخليكم مع ربنا وشوفوا معجزاتة معاكم ومدى رحمتة بكم
رغم اني ممكن بسبب طول الموضوع ملاقيش حد يقراه!
لكن بجد قصتي دي جزء مني عايش جوايا أتمنى من الجميع يقراها ويستفاد منها
Bent El Eslam Bent El Eslam 362103_30.gif ممنوعة من المشاركة Fatakat 362103 ——- – ——-