خمر بطعم الدم 2024.

خمر بطعم الدم شكراً يا أبي أنك ربيتني وعلمتني خذ مكافئتي لك هذه الرصاصة في رأسك جزاء برّك وإحسانك، تلك نهاية مؤلمة لرحلة حياة بذل فيها بعض الآباء الغالي والرخيص في سبيل أبنائهم، وفي ذات الوقت بداية مؤسفة لمقالنا. إن من دواعي الأسى أن يقتل المسلمون بعضهم بعضاً لا لشيء إلا لمناصب أو اختلاف طائفي أو أموال كلها إلى زوال وفناء ولا يبقى إلا العذاب الأليم في الآخرة للمجرمين لقوله تعالى: [ ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً ] ولقوله صلى الله عليه وسلم:[ لحرمة دم المسلم أعظم عند الله من حرمة البيت الحرام ]. وأصعب من هذا أن نرى مسلماً يقتل نفسه بل وأهله الذين ربّوه وسهروا على راحته لا لشيء إلا لأنه مخمور أو مغيّب رغم نهي الله عز وجل الواضح والصريح عندما قال: [ ولا تقتلوا أنفسكم إنه كان بكم رحيماً ] قرأ الحسن [ تُقَتِّلُوا ] بالتكثير، وأجمع أهل التأويل منهم القرطبيّ رحمه الله تعالى على أن: المراد بهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضاً. ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصدٍ منه للقتل بأن يحمل نفسه على الفعل المُؤدِّي إلى التلف. ويحتمل أن يقال: { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ } في حال ضجر أو غضب؛ فهذا كله يتناوله النهي. وقد ٱحتجّ عمرو بن العاص بهذه الآية حين ٱمتنع من الاغتسال بالماء البارد حين أجنب في غزوة ذات السّلاسِل خوفاً على نفسه منه؛ فقرّر النبيّ صلى الله عليه وسلم احتجاجه وضحك عنده ولم يقل شيئاً. خرّجه أبو داود وغيره. ومن هذا المنطلق الحضاري الرفيع ننطلق حيث روى جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ ما من قوم يُعمل فيهم بالمعاصي هم أعزّ منهم وأمنع لا يغيّرون إلا عمّهم الله بعقاب ]. رواه ابن ماجة في سننه. من هنا فإننا ندق ناقوس الخطر في مجتمعاتنا في أهلنا خاصّة الأهل والمربّين عودوا بأبنائكم إلى تعاليم دينكم السامية وقيم الآباء والأجداد بأصالتها ونظافتها نائين بهذه الأجيال التي تعمّد أعداؤكم تلويث أخلاقها حتى تلطّخت أيدٍ منها بدماءٍ حرّمها الله ونهى عن المساس بها بل وأمر ببرها والإحسان إليها، عودوا بأولادكم إلى صراط الله المستقيم والنور المبين القرآن الكريم وتعاليمه ومبادئه لأنه الضمانة الوحيدة لكم ولمجتمعاتكم ولأولادكم من كل الشرور والآلام التي نسمع ونرى. ففي القرآن حرم الله الخمر لأنها تضرّ البدن وتخرّب الوعي وتغيّب العقل بل أمر الله باعتزال المكان الذي توجد فيه الخمر منعاً للمضرّة فما بالكم بشربها قال تعالى: [ يأيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ] يعني الطريق الذي به مكان لتداول الخمور لا تمرّ منه لأنه قال فاجتنبوه ولم يقل فلا تشربوه، لأنك لو جالست السكران أو قابلته ربما رماك بحجر أو رفع في وجهك سلاحاً أو ذكرك وحثك بحاله على شربها وتعاطيها فكان النهي هكذا أسلم وأبلغ. ويبدو يا عزيزتي أننا في آخر الزمان حيث قال نبيّنا صلى الله عيه وسلم: [ يأتي زمان على أمّتي يستحلّون الخمر والحرير والحِر والمعازف ]. والإنسان المخمور كالحيوان، دابة بلا عقل قد يسرق أو يزن أو يقتل حتى أنه ليقتل نفسه في أحيان كثيرة عندما يقود السيارة أو يرفع سلاحه على رأس أقرب الناس إليه أو حتى على رأسه ظناً منه أنه بذلك يتخلص من مشاكله وهمومه. وقتل النفس توبة إلى الله محرم في شرعنا العظيم وليس الأمر كما كان عند بني إسرائيل لما قيل لهم:{ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ }قيل: وقف الذين عبدوا العجل صفًّا، ودخل الذين لم يعبدوه عليهم بالسلاح فقتلوهم. وقيل: قام السبعون الذين كانوا مع موسى فقَتَلُوا مَن عبد العجل. فما أنعم الله على هذه الأمة نعمة بعد الإسلام هي أفضل من التوبة. وربما قتل المخمور بدافع كبت أو كره استقرّ في نفسه تجاه المقتول والخمر جرّأته على الفتك به رغم أن كرهه لا يستوجب قتله شرعاً، وتلك جريمة في حق الإنسانية. وأذكر لكم قصة حقيقية في أحد الأعياد الإسلامية في ولاية فيترويت الأمريكية وتحديداً في حيّ المسلمين حيث يسكن أكثر من مئة ألف مسلم من العرب والأمريكيين: دعى المسلمون عمدة الولاية لحضور احتفالهم بالعيد وحضر معهم صلاة العيد ثم بعد خطبة العيد دعاه المسلمون لإلقاء كلمة في هذه المناسبة فقال: أتمنى لو أن كل أحياء أمريكا تكون مثل حي المسلمين في ولاية فيترويت، ستسألونني لماذا ؟ وسأقول لكم لأنني فخور بكم لأن معدل الجريمة في حييكم يساوي صفراً، وهذا يرجع إلى أن المسلمين لا يتعاطون الخمر. فهذه شهادة نعتزّ بها والفضل ما شهدت به الأعداء. فالخمر دائماً ما ترتبط بالجريمة الكبرى التي نهى الله عنها فقال: { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } قال الفخر الرازي رحمه الله تعالى:اعلم أن الأصل في القتل هو الحرمة المغلّظة، والحلّ إنما يثبت بسبب عارضي، لذلك نهى الله عن القتل مطلقاً بناء على حكم الأصل، ثم استثنى عنه الحالة التي يحصل فيها حلّ القتل وهو عند حصول الأسباب العرضية فقال: {إِلاَّ بِٱلْحَقّ} ويدل عليه وجوه: الأول: أن القتل ضرر والأصل في المضار الحرمة لقوله: { مَّا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى ٱلدّينِ مِنْ حَرَجٍ }
[الحج: 78]
{ ولا يريد بكم العسر }
[البقرة:185]وفي الحديث " لا ضرر ولا ضرار ". الثاني: قوله عليه السلام: " الآدمي بنيان الرب ملعون من هدم بنيان الرب " الثالث: أن الآدمي خلق للاشتغال بالعبادة لقوله:{ وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ }
[الذاريات: 56] ولقوله عليه السلام: " حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً "والاشتغال بالعبادة لا يتم إلا عند عدم القتل. الرابع: أن القتل إفساد فوجب أن يحرم لقوله تعالى:{ وَلاَ تُفْسِدُواْ }
[الأعراف: 85]. الخامس: أنه إذا تعارض دليل تحريم القتل ودليل إباحته فقد أجمعوا على أن جانب الحرمة راجح. السادس: أنا إذا لم نعرف في الإنسان صفة من الصفات إلا مجرد كونه إنساناً عاقلاً حكمنا فيه بتحريم قتله. فثبت بهذه الوجوه أن الأصل في القتل هو التحريم. وأن حلّه لا يثبت إلا بأسباب عرضية.

وإذا ثبت هذا فنقول: إنه تعالى حكم بأن الأصل في القتل هو التحريم فقال: { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِى حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلْحَقّ } فقوله: { وَلاَ تَقْتُلُواْ } نهي وتحريم، وقوله: { حَرَّمَ ٱللَّهُ } إعادة لذكر التحريم على سبيل التأكيد، ثم استثنى عنه الأسباب العرضية الاتفاقية فقال: { إِلاَّ بِٱلْحَقّ } ودلت السنّة أيضاً على ذلكمن وجوه ثلاثة: وهي في قوله عليه السلام: " لا يحلّ دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان، وزناً بعد إحصان، وقتل نفس بغير حق " وأما قوله تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } اتفقوا على أن هذا نهي عن أن يقتل بعضهم بعضا وإنما قال: { أَنفُسَكُـمْ } لقوله عليه السلام:" المؤمنون كنفس واحدة "ولأن العرب يقولون: قتلنا ورب الكعبة إذا قتل بعضهم لأن قتل بعضهم يجري مجرى قتلهم. واختلفوا في أن هذا الخطاب هل هو نهي لهم عن قتلهم أنفسهم؟ فانكره بعضهم وقال: إن المؤمن مع إيمانه لا يجوز أن ينهى عن قتل نفسه، لأنه مجبر بإيمانه أن لا يقتل نفسه، وذلك لأن الصارف عنه في الدنيا قائم، وهو الألم الشديد والذم العظيم، والصارف عنه أيضاً في الآخرة قائم، وهو استحقاق العذاب العظيم، وإذا كان الصارف خالصاً امتنع أن يفعل ذلك بنفسه. ويمكن للمؤمن مع كونه مؤمناً بالله واليوم الآخر،لما قد يلحقه من الغمّ والأذيّة ما يكون القتل عليه أسهل من ذلك، ولذلك نرى كثيراً من المسلمين قد يقتلون أنفسهم فكان في النهي عنه فائدة، وأيضا ففيه احتمال آخر، كأنه قيل: لا تفعلوا ما تستحقون به القتل: من القتل والردة والزنا بعد الاحصان، ثم بين تعالى أنه رحيم بعباده ولأجل رحمته نهاهم عن كل ما يستوجبون به مشقة أو محنة، وقيل: إنه تعالى أمر بني إسرائيل بقتلهم أنفسهم ليكون توبة لهم وتمحيصا لخطاياهم وكان بكم يا أمة محمد رحيما، حيث لم يكلفكم تلك التكاليف الصعبة. ثم قال: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ عُدْوٰناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً }.
وفي أن قوله: { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ } إلى ماذا يعود؟ قال عطاء: إنه خاص في قتل النفس المحرمة. لأن الضمير يعود إلى أقرب مذكور. فهيا أيها الآباء والأمهات ننتشل أولادنا من دروب النار ومسالكها نبعدهم عن الخمور والمخدرات التي تهلك أبدانهم وعقولهم ودينهم وتوصلهم إلى اليأس والقتل وهو طريق النار وقد قرأتم قوله تعالى:[فسوف نصليه ناراً] فهل من أم ملقية ولدها في النار إنها صرخة التحذير التي يطلقها ضميري إلى ضمائركم إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ، فستذكون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد، أسأل الله أن يهب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وأن يجعلنا للمتقين إماماً. آمين. وإلى لقاء آخر إن شاء الله.

كتبه وألفه زوجي الشيخ محمد عوض الله
بس ده مايمنعش انكم تقيمواده طبعا لو الموضوع عجبكم

رحمك الله ياأبي رحمك الله ياأبي 758852_2.gif ممنوعة من المشاركة Fatakat 758852 الشرقية – مصر

سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.