( الحجاب يا أختاه! ) 2024.

التفريغ النصى لمحاضرة

( الحجاب يا أختاه! )

للشيخ : ( محمد حسان )

إن الإسلام الحنيف حريص على حفظ المرأة في أرفع المقامات، فهو يحفظ لها مكانتها في مجتمعها، ويحجبها عما يزري بكرامتها، ويهدم وظيفتها التي خلقت من أجلها،

فشرع لها الحجاب الذي يستر جميع جسمها ووجهها، لتتقي به شر الفتنة. ولقد أمر الله به أفضل نساء الدنيا زوجات نبينا، فكان الأحرى أن تلتزم به من دونهن من نساء

المؤمنين.

مفهوم الحجاب

الحمد لله رب العالمين، الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريكٌ في الملك وما كان معه من إله ..

الذي لا إله إلا هو، فلا خالق غيره ولا رب سواه، المستحق لجميع أنواع العبادة، ولذا قضى ألا نعبد إلا إياه، ذلك بأن الله هو الحق، وأن ما يدعون من دونه هو الباطل، وأن

الله هو العلي الكبير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الواحد الذي لا ضد له، وهو الصمد الذي لا منازع له، وهو الغني الذي لا حاجة له، وهو القوي الذي لا

يعجزه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وهو جبار السماوات والأرض، فلا راد لحكمه، ولا معقب لقضائه وأمره، هو الأول فلا شيء قبله، وهو الآخر فلا شيء بعده، وهو

الظاهر فلا شيء فوقه، وهو الباطن فلا شيء دونه، وهو على كل شيءٍ قدير. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الرسالة، وبلغ الأمانة،

ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة عن هذه الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، وعبد ربه حتى لبى داعيه، وجاهد في سبيل ربه حتى أجاب مناديه،

وعاش طوال أيامه ولياليه يمشي على شوك الأسى، ويخطو على جمر الكيد والعنت، يلتمس الطريق لهداية الضالين وإرشاد الحائرين، حتى علم الجاهل، وقوم المعوج،

وأمَّن الخائف، وطمأن القلق، ونشر أضواء الحق والخير والتوحيد، كما تنشر الشمس ضياءها في رابعة النهار، فاللهم اجزه عنا خير ما جازيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن

دعوته ورسالته، اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد:

فمرحباً بكم أحبتي في الله، ومع الدرس الخامس من دروس سورة الستر والعفاف سورة النور. وما زلنا بفضل الله جل وعلا نتحدث عن الضمانات الوقائية التي وضعها

الإسلام العظيم حمايةً لأفراده من الوقوع في الفاحشة والعياذ بالله، ولقد تكلمنا في اللقاء الماضي عن الضمان الثاني، ألا وهو تحريم التبرج وفرض الحجاب، وقلنا بأن

الإسلام يهدف إلى إقامة مجتمعٍ طاهرٍ نظيف، لا تهاج فيه الشهوات في كل لحظة، ولا تستثار فيه دوافع اللحم والدم في كل حين؛ لأن عمليات الاستثارة المستمرة

تنتهي إلى سعارٍ شهوانيٍ لا ينطفئ ولا يرتوي. إن اللحم العاري، والزينة المتبرجة، والرائحة المؤثرة، والنبرة المعبرة، والمشية المتكسرة، كلها من الأشياء التي تثير

الشهوة، وتؤجج نار الفتنة والهوى. لذا أيها الأحبة: من هنا حرم الإسلام التبرج، وفرض الحجاب على المرأة المسلمة ..

لماذا؟ ينبغي أن تعلم المسلمة وأن يعلم الناس جميعاً أن الإسلام ما فرض هذه الضوابط على المرأة المسلمة في ملبسها وزينتها وعلاقتها بالرجال إلا لصيانتها وحمايتها

من عبث العابثين، ومجون الماجنين، ولتكون المرأة المسلمة كالدرة المصونة، وكاللؤلؤة المكنونة التي لا تصل إليها الأيدي الآثمة. تكلمنا في اللقاء الماضي عن التبرج

ومظاهره وخطورته، ولقاؤنا اليوم عن الشق الثاني من الضمان الثاني ألا وهو فرض الحجاب على المرأة المسلمة، وحتى لا ينسحب بساط الوقت من تحت أقدامنا

فسوف أركز الحديث مع حضراتكم في أربعة عناصر: أولاً: الحجاب لغةً وشرعاً. ثانياً: الأدلة الشرعية من القرآن والسنة على وجوب الحجاب. ثالثاً: شروط الحجاب

الشرعي. رابعاً: شبهات والرد عليها. نسأل الله جل وعلا أن يرزقنا الصواب والإخلاص والتوفيق.
معنى الحجاب في اللغة

أولاً: الحجاب لغةً وشرعاً: أحبتي في الله! الحجاب: جمعه حُجب، ومعناه لغةً يدور بين الستر والمنع، لذا يقال للستر الذي يحول بين الشيئين حجاباً؛ لأنه يمنع الرؤية

بينهما، ولذا يقال لحجاب المرأة: (حجاب) وسمي حجاب المرأة حجاباً لأنه يستر المرأة عن الرؤية، ويمنع الرجال من أن يشاهدوا أو أن ينظروا إلى المرأة. ووردت لفظة

الحجاب في القرآن في ثمانية مواضع، وكلها تدور حول هذا المعنى -أي: حول معنى الستر والمنع- كما قال الله جل وعلا في سورة الأعراف: وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ [الأعراف:46]

أي: بينهما سورٌ يمنع الرؤية، أو حاجزٌ يمنع الرؤية، وكما قال الله جل وعلا: حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ [ص:32] أي: حتى منعت هذه الخيول من الرؤية، وأصبحت لا ترى، وكما

قال الله جل وعلا: فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَاباً [مريم:17] على مريم عليها السلام، أي: استترت مريم بستارٍ عن أعين الرجال، وكما قال الله جل وعلا: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ

مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] أي: من وراء ساترٍ أو حاجزٍ أو حائلٍ يمنع من رؤيتهن. إذاً: فالحجاب يدور بين معنى الستر والمنع، ولذا يُفهم المعنى

الشرعي من هذه المعاني اللغوية لحجاب المرأة المسلمة بأنه الذي يحجب المرأة المسلمة عن نظر الرجال الأجانب، وله صورٌ متعددة هي: صورة الأبدان وصورة الوجوه،

أي حجاب الأبدان، وحجاب الوجوه. وللمرأة أن تحتجب عن الرجال الأجانب ببيتها، وبالستائر السميكة بداخل البيت، وللمرأة أن تحتجب بثيابها من رأسها إلى قدمها إذا ما

خرجت من بيتها لحاجةٍ ضرورية، أو دينية، أو دنيوية، وهذا جائزٌ في حقها ولا إثم عليها إذا خرجت بشروط الحجاب الشرعي التي سأبينها إن شاء الله جل وعلا، مع غطاء

الوجه بالحجاب، أو الخمار، أو النقاب.

وهذا ما يسميه علماؤنا بحجاب الوجه.

بعض الأخطاء في مفهوم الحجاب

الخمار: وانتبهوا معي إلى أن هناك خلطاً بين هذه المعاني عند كثيرٍ من الناس، فالخمار عندنا مثلاً يراد به الطرحة التي تلبسها المرأة على رأسها ويظهر منها الوجه،

وهذا خطأٌُ لغوي، ويقال أيضاً للحجاب عندنا، وهذا ما ذكره بعض أهل العلم في كتبهم، قالوا: بأن الحجاب هو الطرحة التي تلبسها المرأة على رأسها، ويظهر منه الوجه

أيضاً وهذا خطأٌ لغوي، فانتبهوا معي لنتعرف على معنى الخمار وعلى معنى النقاب، حتى نضع النقط على الحروف من بداية هذا اللقاء.

الحجاب بمفهومه الصحيح

الخمار أيها الأحبة -وربما سيعلم ذلك لأول مرة كثيرٌ من المسلمين والمسلمات- هو ما تخمر به المرأة وجهها. من أين لك بهذا التأويل والتفسير؟ من كتاب الله جل وعلا،

ومن أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أقوال أئمة الهدى ومصابيح الدجى عليهم رحمة الله، يقول الله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31]. قال

الحافظ ابن حجر إمام أهل الحديث في الفتح في تعريف الخَمْر: …

ومنه خمار المرأة، وهو الذي تخمر به المرأة وجهها -أي: تغطي به المرأة وجهها- وأعظم دليلٍ على صحة هذا الكلام ما ورد في صحيحي البخاري ومسلم من حديث

عائشة رضي الله عنها، وهل تريدون أوضح من هذا؟ هل تريدون دليلاً أوضح من دليلٍ ورد في حديثٍ رواه البخاري و مسلم من حديث أمنا أم المؤمنين عائشة رضي الله

عنها؟ أتدرون ماذا قالت أمنا رضي الله عنها في حادثة الإفك؟ تقول السيدة عائشة : لما رآها صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه، لما تخلفت عن الجيش، ونامت

وجاء صفوان فوقعت عينه عليها، وكان صفوان بن المعطل يعرف السيدة عائشة رضي الله عنها؛ لأنه كان قد رآها مراراً قبل نزول آية الحجاب، فلما رآها صفوان وعرفها

استرجع، أي قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، رأى زوج نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم تخلفت عن الجيش، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. تقول سيدتنا عائشة : (فلما رآني

عرفني، وكان يعرفني قبل الحجاب، فلما رآني استرجع -أي قال: إنا لله وإنا إليه راجعون- تقول عائشة رضي الله عنها: فاستيقظت باسترجاعه) أي صحت سيدتنا عائشة

على قولته: إنا لله وإنا إليه راجعون. اسمع ماذا قالت أمنا رضي الله عنها؟ قالت: (فاستيقظت باسترجاعه، وحين عرفني خمرت وجهي بجلبابي) فخمرت وجهي

بجلبابي: هذا هو معنى الخمار في حديثٍ في الصحيحين فماذا تريدون بعد ذلك من أدلة!! قالت: (فخمرتُ وجهي بجلبابي) وفي راويةٍ: (فسترت وجهي بجلبابي) أي:

خمرت. ويؤكد ذلك أيضاً حديث فاطمة بنت المنذر رضي الله عنها ورحمها الله تعالى، تقول: (كنا نخمر وجوهنا من الرجال في الإحرام مع أسماء بنت أبي بكرٍ ) رضي الله

عنها، وحديثها رواه الإمام مالك في الموطأ ورواه الحاكم في المستدرك، وقال الحاكم: حديثٌ صحيح على شرط الشيخين البخاري ومسلم ولم يخرجاه، وأقره الإمام

الذهبي. إذاً: الخمار -أيها الأحبة- هو ما تخمر به المرأة وجهها، أي: ما تغطي به المرأة وجهها.

النقاب الشرعي

أما النقاب: فهو حجابٌ للوجوه أيضاً، وسمي النقاب بالنقاب؛ لوجود نقبين بمحاذاة العينين لتتعرف المرأة من خلال هذين النقبين على الطريق.

ولكن: ينبغي أن أنبه هنا إلى أمرٍ خطير، ألا وهو أن بعض المسلمات اللائى يلبسن النقاب، قد حولنه هو الآخر إلى مصدر فتنةٍ وإغواءٍ وإغراء، كيف ذلك؟ وسعت المرأة

فتحة العين على وجهها، فظهر من خلال هذه الفتحة حاجبها، وظهر جزءٌ كبيرٌ من وجنتيها، وهذه هي الفتنة بعينها. وليس معنى أن كثيراً من النساء قد حولن النقاب إلى

مصدر فتنةٍ وإغراءٍ وإغواء أن نقول بعدم شرعية النقاب، فليس معنى أن يختل المسلمون في تطبيق أمرٍ أو جزءٍ شرعي أن نلغي هذا الجزء، وإنما ينبغي أن يؤمر

المسلمون بأن يردوا هذا الأمر إلى ما أراده الله، وإلى ما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيجب على المرأة التي انتقبت أن تظهر من عينها بمقدار الرؤية، وأن

تظهر الفتحة لعينها لتتعرف من خلالها على الطريق، أما أن تتفنن في أن تظهر جمال عينها، وقد امتلأت كحلاً وجمالاً وفتنةً وتأثيراً، وظهر حاجبها وجزءٌ كبيرٌ من وجنتيها،

وتدعي بأنها منتقبة، فإنما هي خادعة أو مخدوعة، فينبغي أن تتوب وأن ترجع إلى الله جل وعلا، وأن تتقي الله، وأن تعلم بأن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

هذا هو الخمار، وذاك هو النقاب، وهذا هو معنى الحجاب. إذاً: هناك حجابٌ للأبدان وللوجوه معاً، إما من وراء ستارةٍ سميكة أو من وراء جدار كما قال الله تعالى: وَإِذَا

سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] أو إذا خرجت المرأة من بيتها لحاجةٍ دينية أو دنيوية فعليها أن تلبس الثياب من رأسها إلى قدميها، وأن تغطي

وجهها بالخمار أو النقاب، بالشروط والضوابط التي أشرت إليها آنفاً.

الأدلة الشرعية من القرآن والسنة على وجوب الحجاب

الدليل الأول: قوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك …)

الدليل الثاني: قوله تعالى: (وإذا سألتموهن متاعاً…)

الدليل الثالث: قوله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن…)


ثانياً: الأدلة من السنة على وجوب الحجاب

شروط الحجاب الشرعي

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فيا

أيها الأحبة: أما عن شروط الحجاب الشرعي؛ حتى تعلم المرأة أنه ليس كل ثوبٍ تستطيع أن تخرج به خارج البيت، فللحجاب الشرعي شروط فلتتعلمها كل امرأة:

الشرط الأول: أن يكون ساتراً لجميع البدن

فلا يجوز بحالٍ أن تغطي المرأة رأسها وبدنها ثم يكون الثوب قصيراً لتظهر قدميها، أو ساقيها، ومنهن من تتفنن في ذلك لستر هذا الجزء الباقي من أسفل؛ فتلبس حذاءاً

برقبة طويلة لتستر هذا الجزء، ثم تدعي وتزعم أنها محجبة.

الشرط الثاني: ألا يكون زينةً في ذاته

ألا تلفت المرأة الأنظار إلى ثوبها بألوانه الفاقعة التي تلفت الأنظار، وتجذب الأنظار، فلا ينبغي أن يكون الثوب في حد ذاته زينة، لا ينبغي أن يكون معطراً حتى يلفت إليه

الأنظار كما سنرى؛ لأن هذا شرطٌ مستقلٌ من شروط الحجاب الشرعي.

الشرط الثالث: ألا يكون شفافاً

بل يجب أن يكون الثوب صفيقاً -أي: سميكاً- حتى لا يشد بدن المرأة أو ما تحته، ومن النساء من تلبس ثوباً صفيقاً -أي سميكاً- وتأتي على مكانٍ بمحاذاة الصدر، أو

على الذراعين، وتلبس ثوباً شفافاً يظهر ما تحته، وهذه هي قمة الفتنة. والرسول صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي رواه مسلم من حديث أبي هريرة :

(صنفان من أهل النار لم أرهما -وذكر منهما عليه الصلاة والسلام- ونساءٌ كاسياتٌ عاريات) وهذا وجهٌ من أوجه التفسير لهذا الحديث؛ أن تلبس المرأة ثوباً شفافاً يُظهر ما

تحته.

الشرط الرابع: ألا يكون ضيقاً

لأن الثوب الضيق يكون من أعظم الفتن، ومن أعظم سهام الشهوات؛ لأن الثوب الضيق وإن كان صفيقاً وسميكاً لا يشد فإنه يبين حجم عظام المرأة، وهذه من قمم الفتن

التي ترسل بها النساء -اللائي يلبسن مثل هذه الثياب الضيقة- إلى قلوب الشباب والرجال، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الشرط الخامس: ألا يكون معطراً

أيضاً من الشروط -وهذا بإيجازٍ أيها الأحباب- ألا يكون الثوب مبخراً أو معطراً أو مطيباً، وهذا بالطبيعة هو الثوب الذي تخرج به المرأة إلى الشارع، أما الإسلام فيأمرها بأن

تتعطر وتتطيب وتتزين لزوجها في داخل بيتها، وإن همت بالخروج فلا يجب أن يكون الثوب معطراً؛ لأن العطر من ألطف وسائل المخابرة بين الرجل والمرأة كما أوضحت قبل

ذلك آنفاً، وفي الحديث الذي رواه مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيباً) فما ظنكم إذا خرجت إلى الأسواق والشوارع

والطرقات!! والحديث الذي رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح من حديث أبي موسى الأشعري ، أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أيما امرأة استعطرت فخرجت

فمرت على قومٍ ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا -أي: زانية- وكل عينٍ زانية -أي: وكل عينٍ تنظر إليها بشهوة فهي زانية-) وأسلفنا أن العينين تزنيان وزناهما النظر.

الشرط السادس: ألا يكون ثوب شهرة

أيضاً من شروط الحجاب الشرعي: ألا يكون ثوب المرأة لباس شهرة، كأن تلبس المرأة ثياباً غاليةً في الثمن، ليشار إلى ثوبها بالبنان، ويقال: إن فلانة بنت فلان تلبس من

الثياب ما قيمته كذا وكذا، هذا ثوب شهرة، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول في الحديث الذي حسنه شيخنا الألباني ، وحسنه الإمام المنذري في الترغيب والترهيب ،

أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب عليه ناراً) ولا يشترط بالضرورة أن يكون ثوب الشهرة غالياً، وإنما من

الممكن أن يكون ثوب الشهرة رخيصاً جداً، يلبسه الرجل ليظهر التواضع، وليظهر المسكنة، وليظهر الذلة، وهذا من ثوب الشهرة أيضاً.

الشرط السابع: ألا يشبه ثياب الرجال

كذلك من شروط الحجاب الشرعي: ألا يشبه ثياب الرجل، وألا تتشبه المرأة في لباسها أو صوتها، أو حتى في مشيتها بالرجال، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول

والحديث رواه البخاري : (لعن الرسول صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء) هذا ملعونٌ على لسان رسول الله، وهذه

ملعونةٌ على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديث ابن عباس : (لعن النبي صلى الله عليه وسلم المرأة تلبس لبسة الرجل، والرجل يلبس لبسة المرأة)

(ولعن النبي صلى الله عليه وسلم: المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء) أي: المرأة التي تريد أن تظهر كالرجل، بل وهي تسعد إن أشير إليها بذلك، هذه

ملعونة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم. أما الرجل الذي يتشبه بالمرأة فرجلٌ مخنث، يتكسر في مشيته، ويتغنج في لفظه، ويلبس من الثياب ما لا يليق أن

يلبسه، ولا تلبسه إلا المرأة، هذا ملعونٌ على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الشرط الثامن: ألا يشبه ثياب الكافرات

الشرط الأخير أيها الأحباب: ألا يشبه ثوب المرأة لباس الكافرات، وهذه من النكسات النفسية التي أصبنا بها، حتى أصبحت المسلمة تقلد الكافرة في كل شيء، حتى

في قصة شعرها، وهذه من الهزيمة النفسية التي أصابت قلوب كثيرٍ من النساء. يجب على المسلمة ألا تقلد الكافرة في شيءٍ أبداً، وفي جزءٍ من الحديث الصحيح أنه

صلى الله عليه وسلم قال: (ومن تشبه بقومٍ فهو منهم) …إلخ، حسنه شيخنا الألباني ، وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح ، وصححه الحافظ العراقي . هذه بعض

الشروط بإيجازٍ أيها الأحباب.

شبهات والرد عليها

يبقى بعض الشبهات والرد عليها في كلمتين اثنتين وهي: الحديث الذي يستدل به بعض العلماء الذين يقولون بجواز كشف الوجه، ونحن نحسن الظن بهم ولا نتهمهم

والعياذ بالله، فنحن نحب شيوخنا وعلماءنا، ولكن الحق أحب إلينا منهم، يستدلون بحديث أسماء الذي رواه أبو داود و البيهقي من حديث خالد بن دريك، عن عائشة

رضي الله عنها قالت: (دخلت أسماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثيابٌ رقاق -أو رقيقة- فأعرض عنها النبي عليه الصلاة والسلام، وقال يا أسماء : إن

المرأة إذا بلغت المحيض لا يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار النبي عليه الصلاة والسلام إلى وجهه وكفيه) هذا الحديث كما هو معروف لكل طالب علم مبتدئ في

علم الحديث لا يصلح بحالٍ للمتابعات والشواهد، ولا يحتج به أبداً؛ لأن به ثلاث علل من علل الحديث القادحة: العلة الأولى: أنه حديثٌ مرسل من طريق خالد بن دريك

عن عائشة؛ لأن خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها، وخالد من أتباع التابعين، ومعلومٌ لكل علماء الحديث أنه لا يحتج بالحديث المرسل، بل ومنهم من قال: لا

يحتج إلا بحديث مرسل عن كبار التابعين فقط، كـسعيد بن المسيب وغيره، و خالد من أتباع التابعين. العلة الثانية: فيه سعيد بن بشير الأزدي وهو ضعيفٌ كما ضعفه

الحافظ الذهبي وضعفه الحافظ ابن حجر ، ومن رجال هذا الحديث أيضاً قتادة وهو مدلس، فبالله عليكم! حديث انقطع فيه السند، مرسلٌ ضعيفٌ، وفيه ضعفٌ في رواته،

وفيه تدليس، فعند كل طالب علم مبتدئ يعلم علم اليقين أن هذا الحديث لا يحتج به، ولا يصلح أبداً للمتابعات والشواهد. كنتُ أود أن أفند معظم الشبه الباقية، ولكن …

إن في هذا كفاية، وإن هذا لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ورحم الله من قال نداءً إلى المسلمة الطاهرة:

فلا تبالي بما يلقون من شبهٍ وعندك العقل إن تدعيه يستجب

سليه: من أنا؟ ما أهلي؟ لمن نسبي؟ من غرب أم أنا للإسلام والعرب؟ِ

لمن ولائي لمن حبي لمن عملي لله أم لدعاة الإثم والكذبِ؟

فيا أيها الأحباب ويا أيتها الأخوات: أسأل الله جل وعلا أن يرزقنا وإياكم الصواب، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، إنه ولي ذلك

ومولاه. ومعذرةً لكم؛ لأنَّا قد أطلنا عليكم اليوم كثيراً، أسأل الله جل وعلا أن يجعل هذا الوقت في ميزان حسناتكم، وميزان أعمالكم في يومٍ لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا

من أتى الله بقلبٍ سليم. وأسأل الله جل وعلا أن يطهرنا وإياكم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم بارك في حكام المسلمين، وفي نساء المسلمين، وفي

شباب المسلمين، اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشدٍ، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك ومولاه. هذا

وأكثروا من الصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا محمد كما أمركم الله جل وعلا بذلك في قوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا

تَسْلِيماً [الأحزاب:56] اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه. هذا وما كان من توفيقٍ فمن الله وحده، وما كان من خطأٍ أو سهوٍ أو زللٍ أو

نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.

المصدر

https://audio.islamweb.net/audio/inde…=109045&full=1

ام اسلام واحمد ام اسلام واحمد 46154_4.gif سوبر فتكات Fatakat 46154 القاهرة – مصر

سبحان الله و بحمده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.